كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

ويا وِقفةً في مَنْبَرِ المَسْجِدِ الذي
فَصِحتَ، ونورُ اللهِ في العينِ مُشْرِق
(أساريةُ) استعصمْ وبالجَبَلِ استعِذْ،
لفد حلفَ الأبطالُ ان قريعَهُمْ
وأزجيتَ للفتحِ الكبيرِ اعتزامةً
(معاويةٌ) فيها يفيمُ فخارَها
ألا يا (ابن عوفِ) قم بنا نحوَ جِ! قِ
وضمّتْهُمَا شوقاً دمشقُ واهلُها
فمُزَا على ضَ! مِنَ الجُنْدِ حَاشِدٍ
(مُعاوي) هذا منكَ، والطلمُ جاثِمٌ
فِداك أميرَ المؤمنين دِرايةٌ
فلابدَّ من راياتِ جيشٍ على الحِمَى
افاتحَ مصرٍ ما أردتَ توشُعاَ
ولا كان لابنِ العاصِ داهيةِ الملا
ولكن للإسلامِ نورُ رسالةِ
مشى زحفُها في البيدِ والبحرِ وانبرى
تساوى بنو الإنسانِ تحتَ لوائِها
أقبّل في جنبِ (البقيع) مراقِداً
سلاماَ على ذكرَى المروءةِ والعُلى
تلألأ تحتَ الشَمسِ سَيفاً وكِفةً
اتَى الهُرْمُزانُ الفارسيئُ بغَدْرَةِ
غُلامٌ تجافاهُ (المغيرةُ) فارِسٌ
فجاءَ بها في خِنْجَرٍ حتفُ طعنِهِ
وغئبَهُ في جَنْبِ اروعَ جاهدٍ
19
تراءَتْ على علياهُ حَرْبٌ وغادِرُ
كأنَكَ في قَلْبِ المَعَارِكِ حَاضِرُ:
فيا لنداءِ رذَدتْهُ المنابرُ
ملا سَمْعَهُ ذاك الندا المتوَاتِرُ
فمِنْ صَوْبِ آمادِ الشام المَعَابرُ
لمَجدِ به التاريخُ زاهِ وعاطِرُ
أمئةُ فيها أطرْفتها المقاصِرُ
صحابةُ غسّانٍ وزِينَتْ منائِرُ
لأبواقِهِ في مرتعِ الجوِّ زامِرُ
ببابِكَ، قد هانتْ عليك الجَرَائرُ
فإئا جِوارَ الرُّومِ والقومُ ماكِرُ
ومن زحمة المُزَإنِ والخطبُ كاشِرُ
ولكنْ حِمى للمسلمينَ تُبادرُ
بسُلطانِهِ تلك الضفافُ الزواخِرُ
حملتَ تُقاها والعُداةُ سواهِرُ
على مطمجِ الاَفاقِ والفتجُ باهِرُ
وجادتْهمُ الذُنيا وعَقتْ مآزِرُ
وأسفَحُ دَمْعي حيثُ تَهْفُو الخَواطِرُ
وقِسطاسِ عدلٍ ما لهُ الذَهرَ ساتِرُ
على رمزِهِ القدسيئَ تُثنَى البَواتِرُ
وأنفَذَها المُغْتَالُ والمكرُ جائِرُ
رَعَتْهُ، وقد هانَتْ عليهِ الكبائِرُ
على جانِبَي حَدٍّ بهِ السم عاقِرُ
فيا عُمَرَ الإسلامِ تبكيكَ عامِرُ

الصفحة 119