كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

ثالثاَ -مختارات من المقالات:
1 - شيوع اللحن
إذا استطعنا ان نتصور فيما وراء الخيال من صدر العصر الأموي أو نعلو به
إلى عهد الراشدين لنستمع في أرجاء الجزيرة العربية للغة الفصحى التي كانت
مصدراً للغة العرب وبخاصة في دارات قريق حيث كان عبد شمس يتبختر في
بطاح مكة مشقشقاَ بلسانه، معتزاَ بولده ومجده.
في ذلك الحين البعيد كان كلام العرب يتدفق من الألسنة الفصيحة، معرباَ
لالحن فيه.
ثم جاء زمن كانت قضية الإعراب فيه من شيوع اللحن حيرت افكار
الباحثين.
فكان من الأوائل من يصدرون بسداد الإعراب عن علي بن ابي طالب
رضي الله عنه وعن ابي الأسود الدؤلي، وكان احدهما بعد الآخر أول اساتذة
الإعراب، وحفظ اللغة من اللحن الذي بدا يظهر، وكان مثل مرض يستهل ثم
يندفع صخاباَ عارماَ، وكانت الاستهلالة في بيت الدؤلي نفسه حين لحنت بنته،
فهب مهرولاَ إلى علي بن ابي طالب، يقص عليه الأمر الذي راعه وأدهثه في
لحن بنته.
تلك كانت البادرة الأولى في مطالع أول لحن في تاريخ الدراسات العربية
في قضية الإعراب.
ثم تحدرت الأزمان العربية بسيل من اللحن جرف امامه السنة الشعوب
126

الصفحة 126