كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

العربية في كل مكان على توالي السنين. وإذا بلاد العرب، بعد أربعة عشر قرناَ
من منبع لغتها تصبح شتينة على ألسنة كل شعب من هذ 5 الأمة يتكلم العربية
بلهجة تخالف اللهجات في سائر الديار، وإذا نحن العرب في هذا القرن
العشرين، لا يكون بيننا التفاهم في لغة إ لا بالعربية الفصحى المعربة، التي نشأنا
على تعلمها مثلما نتكلم لغة اجنبية، ندرس إعرابها ونتثقف بفصيح كلامها
ونحفظ المنثور والمنظوم منها حتى يعلق إعرابها في السنتنا، ف! ذا انقلبنا إلى
منازلنا او رحنا السوق طفقنا نتكلم العامية السخيفة، ويغالب الناس فينا اللحن
الذي لا يقوى على إبادته في اَثار القلم واللسان إ لا الأدباء والكتاب والمدرسون
الذين مرنوا على معرفة الكلام المعرب.
ونهضت مشكلات رافقت هذ 5 الظإهرة الوبيلة تمكنت من لغتنا منذ
كانت، وكم اشبهها بما يعتري منابت القطن من آفات سنوية تحول دون زروعه
وجودة منتوجه، وهي في كل يوم يفكر بأمرها اطباء النبات ليجدوا لافاتها مبيداَ
جديداَ.
وقد فكر علماء العربية بطرق اشتات يقوَّمون بها الألسنة، وهبت في
عصرنا بحوث لها في الجامعات والمؤلفات، وعاش قبلنا مؤلفون عاشوا من
اجلها في الأعصر العربية سنين طوالاَ، وتركوا عالمنا واللحن ديدن الكلام
والأقلام.
ولا يحسبنَ حاسب أن قضية اللحن التي يشعر بها في عصرنا المجمعيون
رالفصحاء وحماة اللغة والكتاب والشعراء لم تمر قضيتها المما ثلة خلال العصور
العربية، فلقد كانت معضلة اللحن وبا لاَ في كل معهد ومقام، وكا ن اللاحنون في
العصر الأموي هم الطإرئين على العربية. وقد سكنوا أمصارها من الموالي
والفرس الكثيرين والروم. وكان إذا ند لسان لأمير حاكم أو خليفة في لحن شاع
أمره في أرجاء المجالس، وسعى القوم إلى تقويم لسانه وزجره، كالذي اتفق
لعبد الملك بن مروان وللحجاج بن يوسف ايضاَ حين زل لساناهما بلحن في
غفلة من غفلات الكلام وهما على المنابر.
127

الصفحة 127