كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

واحدة في عصرن! من اجل لغة العرب وشيوع اللحن فيها، وبديلاً من انضمام
العقول بعضها إلى بعض في القرائح المتلائمة لإنقاذ لغتنا العربية من وباء اللحن،
نهض فريق من المبطلين وأهل البدع -كمن يصطاد في الماء العكر كما يقول
المثل الذي لعله صيغ ليدل عليهم - وهم الشعوبيون، يدعون إلى اللغة العامية،
ويلحفون في هذ 5 الدعوة حيثما حلوا لينزلوا بلغة القرآن هوان اللحن، وليذهبوا
بها جملة إن استطاعوا. وكانت حرية الرأي ممهدة لهم. فأوغلوا في رجعيتهم
وفسادهم. حتى قال احد العلماء رحمه اللّه: "هذ 5 لغتنا، لنا أن نصنع بها ما
نجد 5 ملائماً لها وميسراً ومفيداً"، وقد أراد أن يتوسط في الحدود بين التزمت
اللغوي والدعوة إلى العامية، فأعطى دعاة العامية سلاحاً جديدا ليفتكوا به.
ودعا آخرون إلى النزول بالعربية إلى طبقة وسطى، فينهض إليها العامة ليحسنوا
مثلها، وذهب عجزة آخرون إلى التزام الوقف على السكون في أواخر الكلمات
تخلصاً من الإعراب (1).
ولسنا نشك ومعنا العارفون بالأسرار والدوافع، أن هذ 5 العناصر الهادفة
صادرة عن انإس وراء ذواتها، يديرون الحملة الحربية الخفية لتهديم العرب
بتهديم لغتهم، دماضاعة شملهم بإضاعتها، وأيديهم الخفية الاَثمة هي أيدي
المستعمرين والمبشرين ويهود الصهيونية، وقد تكشفت للجماهير العربية أهواء
هؤلاء المبطلين الداعين إلى العامية في عصر النهضة الحديثة والوحدة العربية.
ومن وراء هذه الدعوة الجامحة قد بيتوا السعي لانفصام العرب بعضهم
عن بعض، إذ كانت اللغة العربية وحدها هي التي تؤلف بين شعوبهم وتجمعهم
في أمة كبرى واحدة، كانت خير أ مة أ خرجت للناس، كما يقرر ا لقر اَن الحكيم (2).
وقد ثبت لدى علماء الاجتماع في المشاهدات الاجتماعية، ومطالعات
(1)
(2)
انظر كتاب (الدعوة إلى العامية وتاريخها في مصرا للدكتورة نفوسة زكريا،
ط. دار المعارف بمصر 4 96 ام.
في توله تعالى: " كنُتخ ضَترَ أُمَ! أضجَت لِئاسِ تَأعُيُونَ لاَئمَحْرُوفِ وَتَتهَؤتَ عَنِ
أتمُنحَرِ وَتُومِنُونَ بِألئَهِ " أ آل عمران: 0 1 1)
130

الصفحة 130