كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

التاريخ، وتجاريب الأمم، أن اللغة هي التي تصنع الأمة وتحمي كيانها من
العاديات والمغيرات، في صميم الحدثان والكوارث التي تهز الشعوب هزأ
عنيفاً، وهي التي ترمم بناءها، وتلم شعثها، فإن اللغة وحدها هي الأم التي تدعو
أولادها إليها، وم! لملم الأمم الشتيتة بعد نزلات الحروب إلا اللغة، ويرفد
التاريخ اللغة في النوازل، وأيما أمة ذهبت لغتها فقد ذهبت ريحها من الوجود 0
ففي إدخال الضيم على اللغة العربية بما يدعو إليه دعاة العامية وسيلة
لتخريبها - كما يعبر المعاصرون في أعمال الشغب التي يقوم بها رجال العصابات
الجبلية والخلايا الإرهابية وأهل الفتن. فالدعاة إلى إشاعة العا مية لإشاعة اللحن
وا ستفحا له إ نما هم إ رها بيون وهد ا مون ينبغي أ ن نعدهم أ عد اء ا لعروبة وا لإسلا م.
وإني لأسأل التاريخ القومي في لغتنا وأمتنا، كيف يمكن للعرب
المعاصرين أن يتاَلفوا في وحدة كبرى تلقاء جوارف الغزو الفكري الغربي
ومكايد الصهيونية إذا لم تجمع شملهم لغتهم العظمى.
وهل هم متمكنون من هذه الوحدة المنشودة التي ترقد وراء جفونهم
كالحلم، ينامون لعلهم يستيقظون على تحقيقها إذا كانت اللغة العامية واللهجات
المحلية هي المسيطره على كلام الشعوب العربية وكتابتها والتحدث بها في
الإذاعات والصحف وكتب الرواية والقصص؟.
والدراسة للهجات أمر أصبج مجمعياً يتبين فيه أن كل لهجة عربية في كل
بلد مخالفة للهجة البلد الاخر، وربما كان المتكلمون في البلدة الوسيعة الواحد5
تتخالف لهجاتهم في الاطراف والأواسط منها، ومتى أصيبت العربية بالضيم
المرصود لها تبلبلت واستعمل فيها اللحن على وجه عميم، ويكون يومئذ
الخلاص من الوحدة العربية على أيدي دعاة العامية وهُدام لغة الضاد والقرآن،
ويدرك يومئذ المستعمرون والمبشرون م! فاتهم في الحروب الصليبية التي ردهم
فيها مدحورين نور الدين وصلاح الدين.
وم! أظن هذا المقال من سوإنج الفكر وبوارح الأدب والتاريخ، وفنون
131

الصفحة 131