كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

2 - مولد الرسول عي!
ذكريات الميلاد تبعث في الفكرة الإنسانية التجديد، فإن السنين والعصور
التي تبلي أعمار البثر استطاع البثر نفسه أن يداويها بالذكرى، وأن يعد هذه
الجسوم التي تبلى أن وراءها ارواحاَ لا تعرف الفناء، فإذا راح الجسم وانطوى،
ومضت مواكب الإنسان خلف مواكب نحو البلى، وجاءت القرون لتعفي
بمكانها آثار الإنسان على الأرض، برز الإنسان من أعماق الثرى ليعيد سيرته
الأولى بالعهود والذكريات.
ولئن كان عهد الرسول -! ي! قد ترادفت عليه الأحفاب وا لسنون ثم ا لعصور،
فإن رسالته العظمى التي أشرق بها على العالم بدينه الإسلامي الكبير حتى ملأ
الخافقين بفتح لم تعرفه الأمم، وعلم أنار الأفكار، واعتقاد ملأ النفوس بالحنان
والرضوان، فإن ميلاده العظيم ذكرى تُعاد في كل عام لا لتجدد العهد بذلك
الدين القيم، لىنما لتعطي الأمة الإسلامية في سائر الأرض وفي ديار النبوة نفحة
الرصول بمفَي! لتحي النفوس التي تتنسم الحياة اليومية بحياة روحية تكمن وراء
الصدور تترامى لهفة عليها وحناناَ.
ولعل في ذكرى المولد النبوي الشريف استعادة لسيرته العظيمة التي
استطاع مؤلفو مجدها ان يكتبوها بأرواحهم وقلوبهم، وكان في مقدمتهم (ابن
هثإم) وقد مزجها بالمنثور والمنظوم ووصف فيها مغازي الرصول مجيِ! بعد نشأته
وتبتله، وكيف دارت حروبه في الجزيرة حتى وحد كلمة العرب وجمعت
شملهم على الإسلام. وفي هذه السيرة مآثر الرصول لمجي! في السلم وفي الجهاد،
ومجالسه في الحديث والتعليم، وأخباره في بيته وفي مجتمعه وبين أمته.
133

الصفحة 133