كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

شيوخ ا لقدرة اللفظية في ا دبنا ا لعربي ا لقديم مع شمس حكمته وأ نوار فكر 5 الثا قب،
وكان مذهبه في اللفظ اضطرارياً، إذ اقام ستاراً حديدياً - على نحو ما نقول في
السياسة والاجتماع المعاصرين - حول فكره وادبه بهذ 5 الألفاظ التي لها عالم
خاص بها في ديوانه الزوم ما لا يلزم) وفي كتابه (الفصول والغايات) وكانت
القوى اللفظية عنده ذات شحنات كهربائية تسيطر على المعاني فلا تنفك عنها،
كالذي صنعه في (رسالة الغفران) ولقد نحس ونحن نقرأ أبا العلاء ما يحس به
المعجبون بالشاعر الكبير (بول فاليري) الذي كانت الفاظه تسكن برزخاً عالياً
خاصاً لا تستطيع ان ترقى إ ليه الأفهام، وكان يقول:
إنني اهندس الكلام حين أكتب شعري.
ومعنى قوله: إنه ملك من ملوك الصناعة اللفظية، بل لغَابٌ كبير بأقدارها،
حتى استطاع أن يغير مفاهيمها اللغوية في المعاجم، فالكلمة عند 5 لها معنى
خاص يخلعه هو عليها كما صنع الصوفيون المسلمون في أدبنا العربي، فجاؤوا
بألفاظ غير قاموسية وإنما هي منتوجة من معاجم الصوفيين.
فما صنعه ابو العلاء لا يمكن أن يعد بحال من الحالات لعباً لفظياَ، لأن
التلاعب بالألفاظ يحط من قدر المعنى، بينما نجد أبا العلاء يسمو بمعانيه سمو5
بألفاظه (1).
ولم يشجع الجاحظ ابو عثمان اللعب بالألفاظ كما ذهب بالراي بعض
دارسيه، وإنما كان يقول بأن اللفظ يميز كاتباً من كاتب، وبذلك ينحو منحى
الفكرة الخاصة بالأسلوب من أن اسلوب الكاتب يدل عل! وهو ذاته، كما قال
في العصور الأدبية المتأخرة العالم النباتي والأديب الفرنسي (بوفون):
"الأسلوب هو الرجل ".
(1)
وهذا يصدق أيضاَ في إمام العربية ورافع رايتها مصطفى صادق الرافعي رحمه الله
تعالى. (ا لنا شر)
139

الصفحة 139