كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

وشهد عصرنا ضرباَ آخر من الأعمال الخوارق في لعب الألفاظ، وهو لغة
السياسيين الذين يسمونهم بالاصطلاح الغربي (الدبلوماسيون) فإن الحاذق
منهم الذي يتكلم على مقدمات يدير في تعابيره الفاظاً مرنة حيناً ولزجة تارة أ و
ممطوطة او متقلصة، فيكون أشد لعباَ بها من أحذق اللاعبين الإنشائيين الذين
كانوا إذا لعبوا بألفاظهم جعلوها تسلية أو ممارسة لطبيعة من طبائعهم الصادقة.
اما هؤلاء الدبلوماسيون فإن لعبهم بالألفاظ كاللعب بالنار.
وكم من الحواة اللعابين بالنار والثعابين يجمدون النظر من طول التحير
فيما يصنعون امام المشاهدين، وكذلك فإن السياسيين الدوليين لهم القدرة
العجيبة على اللعب بالألفاظ ما لا حذَ لتقلُباته وقفزاته0
وكيف كان يدور الأمر والفكر بأن الخالق الذي اعطانا نعمة اللفظ مكسواً
بروح الفكر، ارادنا على استعماله سالماَ من كل انحراف، ومتى عمد المتكلم أ و
الكاتب إلى ان يسيء إلى هذه النعمة التي جمل الله بها الإنسان فوهبه الكلام
بإدخال اللعب عليها، وجعلها وسيلة بهلوانية ففد عد نفسه في حلقة المهرجين
لا الكتاب المفكرين وا لأدباء الموهوبين البانين.
!!!
140

الصفحة 140