كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد

كما انهم عمموا كلمة الحماسة على كل شعر وجدوا فيه قوة وروعة
وجزالة وأسراَ، ولذا نرى أبا تمام يحشد في كتابيه (الحماسة الكبرى) و (كتاب
الوحشيات) المعروف بالحماسة الصغرى ما راقه مما قيل في روائع الشعر منذ
العصر الجاهلي إلى زمنه في أبواب يخرج فيها من الحماسة إلى الغزل والوصف
والمديح وذم النساء وذكر الشيب وغير ذلك من أبواب الشعر وفنونه ومثل ذلك
فعل (الخالديان) اللذان عاشا في بلاط سيف الدولة.
لم ينهج أحد من الأوائل مثلما نهج الدكتور المحاسني في هذا الكتاب،
فقد وقف فيه عند كلمة الحماسة بمعناها الحربي، أي الشجاعة والبأس والضرب
والطعان، وأفرد كتابه لبحث الحماسة الحربية عند العرب في مظاهرها التاريخية
والفنية منذ صدر الإسلام إلى أيام أبي فراس الحمداني، مروراً بشعر الخوارج
والشيعة والزبيريين والأمويين والأعشين الثلاثة: أعشى بني تغلب، وأعشى
ربيعة، واعشى همدان، وشعر جرير والفرزدق وشعر حرب الروم، والحرب
وراء خراسان. . متوصلاً بذلك إلى ذكر حقائق ونصوص صحيحة، ودقائق
تاريخية وفنية تلقي نوراً جديداَ على الحروب العربية البيزنطية طوال القرنين
التاسع والعاشر للميلاد، فكان له بحقّ فضل السبق بهذا الموضوع في تاريخ
الأدب العربي. قال الدكتور عبد الوهاب عزام في تقديمه لهذا الكتاب:
" لقد عكف فيه مؤلفه عكوف الباحث المخلص المتثبت الذي لا يقنع بما
دون الغاية، ولا يسكن إلى الدعة، ولا ينوء به النصب والدأب ".
وقال (محمد عبد الغني حسن) أيضاَ:
"وحين يسلك الدكتور المحاسني المسالك الوعرة في التأليف، يذهب
مذهب الاعتدال والنزاهة في الأحكام، فلا يجور عليها، ولا يبترها، بيد أنه يقرأ
ويحقق ويوازن، ويحكم بعد اقتناع واعتقاد".
ويكفيه فخراَ شهادة (عباس محمود العقاد) فيه بقوله:
"اعتمد المؤلف على ذوق الأديب، وتمحيص العالم في اختياره من
68

الصفحة 68