كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر

كثيراً من البيوت والمزارع حوله، ويستمر في ذلك المجرى تدفق المياهصيفاً
وشتاءً طوال السنة، غير أن السيل جف مجراه مع مرور الزمن، وشخَت مياهه،
وأصبحت عمان تعاني ازمة مياه خانقة من قلة المياه، حتى تغيرت صورتها
الحالية عفا وصفها المقدسي، ونقله عنه ياقوت. وكان ناصر الدين الأسد
وابناء جيله يصيدون السمك والبط في السيل.
أما الجامع (الذي يعرف الاَن بالجامع الحسيني) الذي وصفه المقدسي
بأنه جامع ظريف، بطرف السوق مُفَسْفَس الصحن، فلا يزال قائماً وقد أحاطت
به الأسواق في شعب الوادي، وتهدم مراراً، واُعيد بناؤه، وكان يسمى الجامع
العمري، ومازال صحنه قائماً حتى الاَن.
ولم يكن سكان عمان (1) يتجاوزون ثلاثين الف نسمة، ولم تكن الكهرباء
قد أُدخلت إليها بعد أو عرفتها، وكان الناس يستعملون سراج النفط (الكاز)
وعلى ضوء هذا السراج وفي بيت من الطين، درس ناصر الدين الأسد.
وكانت دراسته في عمان مقدمة لحياته، فقد تداخل تعليمه في هذه
المرحلة بالثقافة والسياسة، واستيقظت في نفسه القدرة على كتابة الشعر،
بحكم اتصاله المباشر مع معفمين كانوا هم شعراءَ وكتاباً مبدعين، من أمثال
كاظم الخالدي، وعبد المنعم الرفاعي، وسعيد الدزَة، الذين كانوا يستهوون
الطلاب بأسلوبهم التعليمي الجذاب، وحَيَوئة ادائهم، ورَفْد معرفتهم بشواهد
شعرية كانت تُضْفي على الجوَ الدراسي مُتعة التلقي، وتربية اذواق الطلبة، كما
كانت تشحن النفوس بالإحساس الوطني.
توفيت والدته عإم 1936 م، ثم والده عإم 939 1 م وهو في السنة الأخيرة
(1)
كانت عمان قبل قيام إمإرة شرفي الأردن عام 1921 م أشبه بالقرية منها
بالمدينة، غير أن اختيارها عاصمة ل! مإرة دفع في شرالينها الحياة، ونشر فيها
العمران، وأصبحت من أكبر العواصم العربية وأجملها، ولعفها الان أكبر من
دمشق، ويبلغ عدد صكانها مليوني إنسان.

الصفحة 14