كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر
أما الخطوة الثانية في هذا الطريق الطويل، فهي وجوب إحداث نوع من
توازن المصالح بيننا وبينهم، إذا تعذر الان إيجاد نوع من توازن القوى، موضحاً
أن أوروبة تحتاج إلينا لتحقيق مصالح أساسية لها عندنا، منها: النفط الذي
تفيض أراضينا به، وحاجتها لتحقيق تسويق منتوجاتها في الأسواق العربية،
وحاجتها إلى البلاد العربية لتاخذ منها المواد الخام بأبخس الأثمان، وتعيدها
إليها مصنعة بأثمان باهظة.
وقال: "ومن أجل ما تقدم، كان من مصلحة أوروبة ان تبقى هذه البلاد
مفكّكة ضعيفة، متنافسة غير متكاملة: في أوضاعها السياسية والاقتصادية
والثقافية والاجتماعية، تكمُن فيها عوامل الصراع والتناقض التي يمكن تحريكها
واستغلالها، حين يصبح ذلك مفيداً للدول الأوروبية أو لبعضها" (1).
ثم تساءل: كيف نقيم علاقة مع غيرنا قبل أن نقيمها بيننا ومع انفسنا؟ هل
نعجز عن القريب ونفزط فيه، ونقدر على البعيد ونحرص عليه؟ والعلاقة بيننا
نحن العرب أليست من صميم مصلحتنا؟.
ومضى في حديثه قائلاً: "فكيف لا نعمل على تحقيقها لنَقْوى بها من بعد
ضعف، وننهض بها بعد طول عِثإر، ونستطيع أن نقف أمام أوروبة موقفاً فيه
شيء من التوازن والتكافؤ والندية؟ حيمئذ سترنو إلينا أوروبة كما نرنو إليها،
وستطلبنا كما نطلبها، وسنأخذ منها كما تأخذ منا " (2).
ورأى أن من تمام أسباب التوازن أن يكون لنا نظامنا العربي الواحد،
وليس أنظمة مختلفة.
الفصل السادس: الشراكة الثقافية والاجتماعية والأنسانية الأوروبية
المتوسطية. وفي هذا الفصل لم يتناول الموضوع في عمومه من بداياته، إنما
(1)
(2)
ص 103.
ص 104.
157