كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر
والإدراك العميق لخصائص ثقافتنا واستخراج كوامنها الأصيلة وجواهرها
الحقيقية، وتعريضها للتفاعل مع تلك الثقافة العالمية الوافدة: أخذاً وعطاءً.
ولا يجوز لنا أن نقف مكتوفي الأيدي، عاجزين عن القيام بعمل حقيقي وفعل
أصيل، ثم نتخئط في ردود أفعال اَنئة تلفُنا دُؤَامتها، فندور حول انفسنا حتى
يصيبنا اللأُوار. أليس هذا التخثط والعجز هما اللذين أصابانا في مواجهتنا
لقنوات البثَّ الفضائية العربية والقمر الصناعي العربي، بالرغم من كل الدعوات
والنداءات إلى وجوب إعداد البرامج الثقافية والعلمية والترويحية التي تبني
شخصية الأمة وتلبَّي حاجتها إلى مواكبة العصر، وتقف في وجه السيل الهادر
الذي يهجم علينا من القنوات الفضائية الأجنبية. ألم تكن النتيجة مخيئة للاَمال؟
فقد امتلات قنواتنا الفضاثية بالغناء الذي تمجُه اذواق الكثيرين منا، والرقص
والبرامج الترفيهية الهزيلة، واجترار الأفلام السينمائية العربية القديمة، إلأَ ما
ثذر من البرامج، وهذا النادر عليه ماَخذ بالرغم من مظهر 5.
إن دعوتنا إلى التفاعل الثقافي مع العولمة: أخذاً وعطاءَ، دون وَجَل ومن
موقع الثقة بنفوسنا وبثقافتنا وبحضارتنا، إنما تستلزم القدرة على الإسهام
والمشاركة، وذلك يتطلَب أن يكون لدينا ما نسهم به ونشارك.
فهل نستطيع أن نصل إلى تكوين إطار عام أو خطوط عريضة لمشروع
ثقافي حضاري، ندخل به في الخطاب العالمي الثقافي والحضاري، ونتفاعل
مع هذا الخطاب بمشروعنا ونتعامل معه - وهو تساؤل أثرناه في الفصل السابق-
إن كان هذا ممكناَ فإننا نستطيع، حي! حذ، ان ناخذ من العولمة ما نريد، وما نحتاج
إليه، وان نعطي بالقدر المُتاح مهما يكن ضيئلأ \). وبذلك ندخل في موكب
(1)
ينكر بعض الباحثين إمكانية الانتقاء من بين عناصر الحداثة والعولمة وتجزئتهما
والجمع بين عناصر معينة منهما وبين عناصر حية نامية من التراث، وذهبوا إلى
أن الحداثة كل لا يتجزأ 0 وقد خالفهم في هذا الراي اَخرون. ولا يزال الحوار
في هذا الموضوع سجالاَ بين الجانبين.
162