كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر

ثم فزَق بين معنى الشريعة وبين الفقه، فقال: " فالشريعة الإسلامية - بما
فيها من أحكام ومبادئ وتوجيهات وكفيات - إنما هي روح ومنهج فكري
ونفسي، يستمدُ منها العلماء والفقهاء القوانين التي تتمشّى مع الشريعة وتناسب
حياة المسلمين، لىذا كانت الشريعة - بحكم طبيعتها العامة الواضحة - ثابتة،
فإن القوانين الفقهية متغيرة، تتمشى مع القاعدة الفقهية: " لا يُنكَر تغيّرُ الأحكام
بتغير الأحوال " فيما يتصل بمصالح الناس واختلاف عاداتهم وأعرافهم باختلاف
الزمان والمكان " (1).
وذكر قول بعضهم إلى تشبيه الشريعة الإسلامية ب (الدستور) عند الأمم
الأخرى، وتشبيه الفقه الإسلامي (وهو متغير) بالقوانين.
ويذكر ان الحكم في الإسلام هو نظام ثقافي حضاري كامل، لا يجوز أ ن
تُفْرض عليه مصطلحات ومفاهيم وأذواق من ثقافة أخرى، ويحكم عليه من
خلالها. فالإسلام له مفهومه في المشاركة الشعبية في الحكم، واستعمال كلمة
(الديمقراطية) قد يكون مضفلاً، وهي لفظة صُوَرُها متعددة ومختلفة في
الغرب، لا يك! عن استعمالها وترديدها -متى يشاء - ويحاكم الاَخرين
ويحكم عليهم بمقتضاها. فالدستور البريطاني مثلاً غير مكتوب، ولكنه في
فرنسة دستور مدؤَن عريق متوارث. والنظام في بريطانية مَلَكي، ولكنه في
فرنسة والولايات المتحدة الأمريكية رئاسي. وطريقة انتخاب رئيس الجمهورية
الفرنسية تختلف عن طريقة انتخاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية،
ومجلس الشيوخ في الولايات الأمريكية المتحدة الأمريكية له تكوينٌ مختلف
عن مجلس اللوردات ببريطانية، إلى آخر هذه الصُّوَر والأساليب المختلفة
للمشاركة الشعبية في الغرب.
ثم انتقل المؤثف للحديث في موضوع حقوق الإنسان، الذي أصبج
هاجساً مسيطراً يكثر ترديده، كما يكثر استغلاله وإساءة استعماله والتذرُّع به
(1) ص 032
167

الصفحة 167