كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر

تغليب نص على اَخر، أو ترجيح رواية على غيرها، او تفضيل خبر على سائر
الأخبار، ولا سبيل في مثل هذه الأبحاث إلى اليقين القاطع، والقول الفصل،
اللذين لا يتوافران إلأ في العلم التجريبي وحده، حين يستطيع المرء في معمله أ و
مخبره ان يعيد التجربة عملياَ ليقوم البرهان على صحة ما يذهب إليه " ومن أجل
ذلك - كما يقول -: "تجئبت ان أُلقي الأحكام إلقاءَ عاماَ قاطعاَ، وإنما سقتها في
صيغ ترجيحية غالبة أ (1).
ومن مظاهر الحذر: كراهيته للتعميمات التي لا تستند إلى دليل واضح،
كرفضه للتعميمات السائدة لدى بعض الباحثين من أن الغناء العربي إنما يميل
إلى الأوزان القصيرة الخفيفة التي تتَمّق في يسرها وخفتها مع ألحان الغناء، فهو
يرى أن هذ 5 البحور غير التامة من مجزوء ومشطور ومنهوك ممثلة لتجديد غنائى
في العصر الأموي، استدعاه شيوع الغناء وانتشار 5 (2).
لىذا كان يكره التعاميم الفضفاضة والقفز إلى النتائج، فإنه يكره ايضاَ
التسرُع دون تمحيص وبحث وتدقيق، ومن ذلك انتقاده إبراهيم اليازجي مؤلف
كتاب الغة الجرائد) الذي ذهب إلى ان (نواد) هو الجمع القياسي د (ناد) ولكنه
غير مسموع ولا مستعمل. فقال الأسد: "وفي هذا الأخير تسزُع واعتساف لأن
اليازجي - في ظننا - لم يقمه على التتنم والاستقصاء، بل ينسبه إلى ظاهر ما ورد
في المعاجم وكتب اللغة، واعتمد فيه على شاهد واحد من الشعر تكرر في هذه
المظان أ (3).
ومع انه يؤمن بالتجديد ويفتح الأبواب لجميع الاَراء، فإن نزعة الحذر
والتحرُز تجعله لا يميل إ لى التوئعبلا سند، ولا يفتح مصاريع ا لأبواب بلا حُجَة.
(1)
(2)
(3)
انظر: مصادر الشعر الجاهلي - المقدمة، ص 8؟ وقطوف دانية، أحمد
الضبيب: 1/ 227.
القيان والغناء، صه 9 1؟ الضبيب، قطوف دانية: 1/ 27 2 0
مجلة مجمع اللغة الحربية بالقاهرة، المجلد (27)، ص 0 9.
24

الصفحة 24