كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر

8 - الحيدة والموضوعية في جهوده المتميزة في تراجم الأعلام، كالذي
ترا 5 في كتابه (خليل بيدس) و (محمد روحي الخالدي) و (الحياة الادبية الحديثة
في فلسطين والأردن) الذي ترجم فيه لمجموعة من أدباء فلسطين والأردن. فقد
أبعد ذاته عفَا تحدَث فيه في سير حياتهم، ومعالجة إنتاجهم.
وجماع منهجه العلمي: استقصاؤ 5 وإنصافه واعتداله، وقوته في البحث،
ومقدرته على الاستدلال، ومناقثة الاَراء ومحاكمة الأخبار، - وهو في محاكمة
الأخبار، يقف موقف القاضي المنصف، لا المحامي المتحيّز -، وإصداره
التقاويم والنفد بأسلوب فريد، وعبارة مستقيمة، خارجة عن الفحش، بعيدة عن
بذيء الكلام، وقد التزم هذا المنهج في كتبه كلها.
اسلوبه وفصاحته:
أمران متلازمان في شخصية ناصر الدين الأسد: أسلوبه وفصاحته، إ ذ
نشأ في البادية محباً للغة وآدابها، وكان يحضر له والده كتب كامل الكيلاني،
ولم يُبعد عنه كتب اللغة والشعر، فطوع الأسد لغته ودانت له. اما اسلوبه فقد
كانت تغشا 5 غلالة من حُسن السَّبْك، وقوة الأسر، ونصاعة البيان، ويكاد يكون
كلامه لُئاً خالصاً، لا حشو فيه ولا تقعُر، ولو أنك قرأت أول كتاب أصدره
(القيان والغناء) وآخر كتاب أصدره (نشاًة الشعر الجاهلي) لما وجدت فرقاً بين
لغته وأسلوبه.
وأما فصاحته، فقد خلعت الفصاحة عليه زخرفها، تجري البلاغة على
لسانه، لا يتلكَأ في منطقه ولا يتلجلج ولا يتلعثم، يعطي كل حرف مستحقه، وقد
التزم - في الأغلب - بالفصحى في خطابه الشفوي في الحياة اليومية والعامة، لا
يظهر عليه أثر الجهد في استحضار قواعد العربية، ولا عجب في ذلك، فهو من
الصفوة الذين استطاعوا أن ينقلوا العربية الفصيحة إلى لغة تخاطب وتعامل
يومي، ولغته مكتوبة او منطوقة لا تتنازل عن بلاغتها، فقد تغلغل حبها فيه حتى
غدت جزءاً من حضوره أينما كان. فغوصه العميق في بحار اللغة العربية وتمكّنه
29

الصفحة 29