كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر

أخلا قه:
العلماء ثلاثة. فمنهم مَن جمع بين العلم والخُلُق، ومنهم مَن جمع العلم
دون الخُلُق، ومنهم مَن جمع قليل عل! وعظيبم خلق، وافضلهم الأول: الذي
جمع بين العلم والخلق. ومن هؤلاء - ولا نزكي على الله احداً - ناصر الدين
الأسد، فهو من أطيب الناس خُلقاً، وله من التواضع وحسن الأدب ما يفوف
الوصف، تجلس إليه لأول مرة فتشعر بأنه صديق فديم، وهو حسن العِشرة،
حلو الحديث ودائم التهلُ مع صدق في القول، وإخلاص في العمل، وحزم في
الأمر واتباع للحق، وإجلال للعلم. لم يُضْبَطْ عليه ان أطلق لسانه بكلام فاحث!
في شدة غضبه وانبساطه، وأذكر أني كنت اذكر بعض مبغضيه وأنبزهم، فلا
يتكلم بكلمة بذمهم.
صلته بالدكتور طه حسين ورايه فيه:
كان ناصر الدين الأسد من طلاب الدكتور طه حسين إئان دراسته الجامعية
بالقاهرة، وكان موظفاً صغيراَ في الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية، حين
صدور كتابه (مصادر الشعر الجاهلي) الذي كان ردَّاَ غير مباشر على طه حسين
في كتابه (في الشعر الجاهلي) ونسف مقولاته المشكّكة في الشعر الجاهلي
بهدوء وتهذيب، وكان طه حسين وقتها رئيساَ للجنة الثقافية الدائمة بجامعة
الدول العربية.
وذكر أستاذنا الأسد أن فريد شحاته سكرتير طه حسين اتصل به، وأخبره
أنه يقرا الكتاب للدكتور طه، وأنه ينفعل من حين إلى حين مما يسمع، وأنذر 5
بقرب مجيئه له، بعد الانتهاء من قراءة الكتاب، وهذا ما حدث، حين فوجئ
الأسد بطه حسين يقتحم مكتبه بالجامعة العربية، يقوده فريد شحاته، ويجلس
وهو يتهجَّم، وشممعه اغلظ الكلام في نفسه وفي كتابه وفي منهجه، ولم يَنْبس
الأسد ببنت شَفَة، وخرج الدكتور طه فجأة كما دخل، وبعد أسبوع فُوجئ الأسَد
بطه حسين يدخل مكتبه ويطيب خاطر 5، وشممعه أحسن الكلام، ويثني عليه
32

الصفحة 32