كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر

غاية الأهمية، فالمصطلح هو: من أهم أدوات الغزو الفكري، وكثيراَ ما يستعمل
لتغريب الفكر، وعلينا الحذر من ذلك، فالمصطلح ليس مجرد تركيب حروف،
إنما هو مفهوم ومضمون ومصطلح، فإذا كانت اللغة أداة التفكير، فإن المفاهيم
والمعلومات هي مادته.
يقول في كتابه (نحن والعصر): "ويحسن بالكاتب أن يبدأ بفحص الفاظه
ومصطلحاته، وتحديد معانيها وتوضيحها، والتأكد من تأديتها المعنى الذي
يريده، وقدرتها على الوصول إلى السامع او القارى، ومخإطبة مراكز الفهم
لديه. وشأن الكاتب في ذلك شأن صاحب الحرفة أو المهنة الذي يبدأ بتحديد
أدواته وآلاته، وفحصها والتثئت من قدرتها على تأدية العمل المطلوب منها،
فإذا لم يفعل الكاتب مثل ذلك تداخلت معاني الألفاظ، وغامت دَلالاتها،
وعجَز المتلقَي عن تحديد المقصود، ويصبح من الممكن استعمال اللفظ
الواحد، للدَلالة على معانِ متعددة قد تختلف بل قد تتناقض، وكذلك يصبح من
الممكن استخدام النص: في الفهم ثم في التطبيق استخدامات تختلف باختلاف
أصحاب المصلحة فيها" (1).
ويرى أن لفَفظ دَلالتين: دلالة لغوية ودلالة اصطلاحية، تتفقان حيناً أ و
تقتربان، وتفترقان حيناً أو تتباعدان، ولكن تبقى ظلالٌ من الدلالة اللغوية في
المصطلح، مهما تفترق الدلالتان.
ويوضج أنه حتى يصبح الحق المتوهم حقاً متمكَناً، لا بد من تحسينه
وتزيينه، وحشد الحُجَج له، وإقامة البراهين عليه، ووضع الخطط والبرامج
لإقناع النفس به، ثم إقناع الناس، وهو ما تفعله عادة وسائل الإعلام المتعددة،
وأساليب التعبئة الفكرية والنفسية.
ويؤكد أن حرب المصطلحات والألفاظ حرب حقيقية يخطَط لها خبراء
(1) نحن والعصر، صا 4.
40

الصفحة 40