كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر

ومع أنه واكب ما تعرضت له القصيدة العربية المعاصرة من تغييرات في
بنائها الخارجي والداخلي، فقد نأى بشعره بعيداَ عن أفي منها، وظل محافظاَ
على النمط القديم في بناء قصيدته. وهذا مما ينسجم مع ما استقزَ عليه كل من
أسلوبه ومزاجه في الحياة والأدب على السواء.
وفي حديثه عن تجربته الإبداعية بالشعر، يكتفي بالقول إنه كان يتمنى أ ن
يكون ضاعراَ، وهذا إنما يقع في باب تواضع العلماء والأدباء، وهي السمة
البارزة التي تلون شخصية ناصر الدين الأسد: الإنسان، والعالم الباحث
الناقد، والشاعر بعامة.
وساثبت في اَخر هذا الفصل مختارات من شعره، قد تؤئد ما ذهبنا إليه في
إضاءتنا النقدية هذه، وقد تمهد هذه الإضاءة وهذه المختارات الطريق إلى
قراءات نقدية أخرى ينجزها نقاد الشعر لاحقاَ، تختلف مع قراءتنا هذه في
جانب، وتلتقي معها في جانب آخر.
ويتوزع النسق الخطي لقصائده بين البيت المفرد، والمقطعة ذات البيتين
أوأكثر، إلى أحد عشر بيتاَ، وبين القصائد ذات الأبيات الكثيرة.
اما أُولى محاولاته الشعرية فكانت عام 1939 م وعمره ستة عشر عاماَ،
عارض فيها قصيدة أستاذه عبد المنعم الرفاعي، وعنوانها (أمل)، وقد تح! ر
فيها على حئه الضائع في الجامعة الأميركية ببيروت، وفيها ينادي تلك الفتاة زافاً
إليها شوقه وحنينه لجمال وجهها الفتان، وإلى حد سيطر فيه حبها عليه، في
صبحه ومسائه، وغدؤه ورَواحه. يقول في مطلعها:
بنيتَكِ بالفكرة الهائمهْ وبالشوق والنظرة الحالمهْ
أغذيكِ من موحيات الهوى ومن نسمات الصبا الناعمهْ
إلى أن يقول في خاتمتها:
سَددْتِ عليئ طريقِي فكم لشخصكِ من صورة قائمهْ
48

الصفحة 48