كتاب ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر

تمهيد
ناصر الدين الأسد نَمَطٌ صعبٌ من الرجال عزيز، وركن من أركان العلم
باذخ، وعالم باللغة، محيط بأسرارها، حافظ لأشعارها، ملمٌّ بأصولها، ومفكّر
بذ كثيراً من المفكرين فيما كتب، وأديب عالي الأسلوب، واضح العبارة،
مأنوس الألفاظ، وهو من الفُصحاء البلغاء، فلغته مكتوبة أو منطوقة لا تتنازل
عن بلاغتها، وهو بعد ذلك شاعر جيد.
وهو كما يقول الدكتور عبد الحميد إبراهيم "الرجل العظيم كالغيث
العميم اينما وقع نفع، أو قل هو كالشجرة الطيبة تؤتي أُكُلَها كل حين بإذن ربها،
هذا هو شأن ناصر الدين الأسد. . . " (1).
ويقول: "إن الرجل العظيم كالماسة الثمينة، تشعُ في جميع الاتجاهات،
وكل شعاع يبهر الأبصار، وكل متلقّفٍ للشُعاع يظنه الطريق الوحيد، او الصحيج
إلى المصدر، لكنه في الحقيقة طريق من طرُق عدَة، تؤدي جميعها إلى لث
المركز، وتشير إ لى رجل يسمى الدكتور ناصر الدين الأسد" (2).
تبؤأ أرفع المناصب، ومع ذلك بقي قضَة في التواضع وسماحة النفس،
حمل ألقاباً ضخمة يعتز بها الكثيرون، ولكنه كان - ومازال - يكتب اسمه مجردا
على صدر مؤلفاته وفي توقيع مقالاته.
لقد كان من حظي الحسن أن أجلس إليه متى أُتيح لي ذلك، فكشف لي
عن قدر عظيم من العلم، مع صفاء في النفس عجيب، ورقة في الطباع تأسر،
(1)
(2)
ناصر الدين بين التراث وا لمعاصرة، صه 13.
المصدر السابق، ص 1 4 1.

الصفحة 9