كتاب عبد الله التليدي العلامة المربي والمحدث الأثري

فلا يوجد في الدنيا مسلم يجهل معنى لا إله إلا اللّه أو معنى الإله. فالإله
معلومٌ عند المسلمين ضرورة، وإن اختلفت تعابيرهم في معنى لا إله إلا
الله، وتباينت كلماتهم في ذلك.
فالجميع يعلم أنَّ اللّه تعالى هو المستحقّ للعبادة لا سواه، وإن لم
يُحسنوا التعبير عن ذلك، فمن أجاب بأنه لا خالق إلا اللّه أو لا رازق إلا اللّه
أو لا موجود معه أو لا ربَّ سواه، فالجميع يحوم حول المعنى الذي لا
يصجُّ الإيمان إلاّ بمعرفته، وهو أنَّ معنى لا إله إلا اللّه: لا معبود بحقً
سوى اللّه، لأنه إذا كان هو الخالق الرازق الذي لا موجود معه في هذه
الصفات فهو المستحى للعبادة وحده.
وفرقٌ كبيرٌ بين الموحِّدين الذين ولدوا بين ظهراني المسلمين،
وبين المشركين الذين كانوا يعبدون الأوثان والأحجار، ويسجدون
للأخشاب، ويعتقدون النفع والضرر في ذلك كما ذمَّهم الله تعالى به،
وانكر عليهم في كتابه العزيز.
فاعتراف المشركين بالألوهية ليس كاعتراف الموحِّدين؟ لأنَّ
المشركين اتخذوا مع الله اَلهة، وعبدوا سواه، ووصفوا اصنامهم بأمور لا
يستحقّها إلا الله تعالى. والمسلم لم يفعل ذلك، ومعاذ اللّه أن يصدر منه،
والمشركون لم يكونوا مُصدّقين برسل اللّه وأنبيائه وكتبه، ولا مؤمنين
بالبعث والفيامة، والمؤمنون بخلاف ذلك.
- معرفة اللّه عزَّ وجل فطرية ضرورية لا تتوقف على استدلال ولا
نظر، لقوله تعالى: " فِظرَتَ اَقِ اَلًتِى فَطَرَ اَلنَاسَ عَلَتها لَا ئدِيلَ لِخَلْقِ اَدلَّهِ"
1 الروم: 0 13، فالفطرة المراد بها: الإسلام، كما قال أبو هريرة ومجاهد
وقتادة وغيرهم.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال
140

الصفحة 140