كتاب عبد الله التليدي العلامة المربي والمحدث الأثري
الهجرة الأولى بتستّر من رجال الحدود، فبقي بها مدة سنتين تردد في السنة
الأولى صغيره سيدي عبد الله الذي بلغ من العمر خمس سنوات إلى
المكتب الفرآني، لكن دون أن يتعثم شيئأ ولا حرفأ واحدأ، إذ لقيَ إهمالا
من قِبَل المدرس المكفَف بتحفيظه القرآن كعادة ينهجها المحفظون تجاه
الطلبة الجدد، وهي عادة سيئة تؤثر سلباً على تكوين الطالب وتعليمه.
كانت هذه المرحلة من حياة الشيخ زمن الحرب العالمية الثانية في
الفديمة مدينة طنجة، فهي اقدم مدنه على الإطلاق كمدينة سبتة إذ يرجع تاريخ
تأسيسها إلى ما بعد سيدنا نوح عليه السلام بزمن قريب، حيث إن أول من سكن
هذه السواحل حفدة يافث بن نوح الذين كان منهم الإخوة الثلاثة: أندلس
وسبت وطنج، وكان هذا الأخير هو المؤسس لهذ 5 المدينة وبه سفيت، ومع
ممر العصور والاجيال أصبحت المدينة ذات عمران واسعة إلارجاء وتداولتها
الأمم حتى جاء الرومان فاتخذوها عاصمة للمغرب ودار مملكتهم، وكانت
عمالتها كما يقول المؤرخون: مسيرة شهر في مثله، وكانوا يطلقون عليها اسم
طنجس. وجاء الإسلام وهي تحت النفوذ الروماني وسيطرته، ففتحها الفائد
الإسلامي العظيم موسى بن نصير بعد معارك طاحنة دامية، كما كان فتح في
ذلك العصر تطوان وسبتة: وجعل مولاه طارق بن زياد عاملاً عليها، وقائمأ
بشؤون أهلها، ولما دخلها الإسلام أصبحت قاعدة المغرب أيضاً، فقد قال
صاحب (جذوة الاقتباس): وسار إدريس ومولاه راشد حتى نزلا مدينة طنجة
الخضراء، وهي يومئذ قاعدة المغرب، يعني عاصمته. وقال ابن غازي في
(تكميل التقييد): طنجة كانت قاعدة المغرب زمن الإمام مالك وابن الفاسم.
واصبحت بحمد اللّه تعالى دار الإسلام، وتداولتها الدول الإسلامية وملوكها
عبر التاريخ، فكانت تحت حكم الامويين والأدارسة، والعبيديين
والمغراويين، واللمتونيين والموحدين، والمرينيين والسعديين، ثم العلويين
الحاليين، وهي تحت حكمهم دماشرافهم منذ ثلاثة قرون ونيف وستين سنة
لتاريخه الحالي، واستعمرت من طرف الكفار مراراً؟ فقد استعمرها البرتغال،
ثم الإنكليز، ثم فرنسة، ثم إسبانية، وكانت لعهد قريب قبل استقلال المغرب
دولية ". اهـ.
16