كتاب عبد الله التليدي العلامة المربي والمحدث الأثري
الأربعينيات من القرن الماضي، وما زالت ذاكرته تستعيد صور طائرة
ألمانية من غير جناحين، كانت تحلّق فوق الأجواء الشمالية من المغرب،
كما كان يسمع دويَّ الفنابل والصواريخ وهو منهمك في حفظه لكتاب الله
عز وجل.
عاد سيدي عبد القادر من جديد إلى قرية الصاف، ليهاجر ثانية بابنه
عبد الله مع باقي الأسرة إلى مدينة طنجة، وسِن شيخنا دون العشرة، فإذا
برجال الحدود يلفون القبض على والد الشيخ مطالبين إياه ببيان هويته،
فبقي مسجوناً إلى ان تعزَف عليه أحد شيوخ المنطقة ومقدّميها.
لم يكن شيخنا قد ختم إلا سلكة واحدة، وهذا ما يسمِّيه أهل الفران
في المغرب بالسور، فكلما ازدادت سور التلميذ ازدادت محفوظاته.
فكان محل سكنى العائلة أولاً بحي بوقْنادل، ثم انتقل والده إلى
حي مُسْتَرخُوش، ثم رحلوا إلى الدرادب، وسكنوا بحومة سيدي
قاسم. . ما ذلك إلا لضيق العيش اَنذاك، وصعوبة وجود مأوى منالسب
لمجموع ا لأسرة.
وتردد شيخنا في هذه الفترة إلى الشيخ سيدي الراضي المُصؤَري في
حي الدرادب ليحفظ القران الكريم في محل هو الاَن مخزب قبيل مسجد
الموحّدين. . كما تتلمذ أيضاً في مسجد صغير بحي مسترخوش، ما زال
إلى اليوم تقام فيه الصلوات، بالفرب من الملجأ الخيري.
وكان على أبيه أن يرسله بعد ذلك بسنوات إلى قرية الصاف لحفظ
كتاب الله على المقرئ عبد السلام بن حمان الشقاف، والمقرئ
عبد السلام بن عزّوز (1)، فنزل عند سيدي عمر التليدي، عم والده، مدة
(1)
توفي كل من المقرئَيْن المرحومَيْن، داخل العقد الأول من القرن الخامس عشر
الهجري.
17