كتاب عبد الله التليدي العلامة المربي والمحدث الأثري

5 - حياة قاسية:
ولا يفوتنا التنبيه إلى أن الأيام الأولى من حياة الشيخ كانت صعبة
للغاية، عانى فيها تعذيب المقرئين من ضرب بقضيب الرمان، فيما يسمّى
بين الأوساط الطلابية بالتحميلة، إلى المد والضرب على الظهر لمجرّد
ارتكاب أخطاء يسيرة شأن كلّ صبي غير مكلَف.
ولما كان شيخنا يحفظ القرآن الكريم في مدينة طنجة كان كثيراً ما
يهرب من الكتاب بسبب الضرب المتكرّر والقاسي الذي لحقه من
المدرسين. . حتى إنه ترك الكتّاب ثلاثة اشهر عازماً على أن لا يرجع إليه
أبداً.
ولقد سامح شيخنا كلّ مقرئ انهال عليه بالضرب بغير حق أو بدون
أيِّ موجب شرعي. . يكفي انه أخذ عنهم القرآن الكريم وحفظه من
صدورهم رحمهم الله جميعاً. . .
فمثلهم كما قال لي الشيخ - جزاه اللّه خيراً - مثل الوالد مع ولده،
وإنْ ضربه وأهانه فالمحبة بينهما ثابتة قائمة.
ولكن الحق احق أن يُقال: إنَّ ما يفعله بعض المقرئين مع تلامذتهم
مُشين بالمدارس الإسلامية، ومشوّه لطلعة ديننا الحنيف، وليس من
منهاج النبوة في شيء.
6 - استفحال الفقر وندرة الطعام:
يجد الطالب نفسه مجبراً إن هو طلب حفط القران الكريم في مدشر
غير مدشره أن يمدّ يده للسؤال، خصوصاً إذا كان الفقر قد استفحل في
الناس وأمسى الطعام بينهم عزيزاً.
فإذا كان أهالي المنطقة على وعيٍ تاثمً بضرورة مساعدة حَمَلة كتابهم
19

الصفحة 19