كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه

فأمَا إذا عرض تعارض بين حق الأبوين في البز مثل ان يأمر احد
الأبوين ولده بعكس ما يامره به الاَخر، فهنا عليه ان يسعى في إرضائهما
معاَ، او التوفيق بين امريهما، فإن امكن له ذلك فذاك، وإلا فهو من
تعارض الدليلين دون إمكان الجمع، فيجب الوقف. وعلى هذا جاء قول
مالك للذي قال له: إنّ أبي في السودان كتبَ إليئ انْ أقدم عليه، ومنعتني
افي، فقال له مالك: اطِعْ أباك ولا تعصِ امك. ذكره القرافي في الفرق
الثالث والعشرين عن مختصر الجامع " (1).
وفي كتاب (الأدب)، باب ما يكره من التمادح، يُورد حديث أبي
بَكْرة: إن رجلاَ ذُكر عند النبيئ ومل! فأثنى عليه رجل خيراً، فقال النبيئُ ع! ير:
"وَيخحَك قطعتَ عُنُق صاحبك ".
وفي حديث ابي موسى: "قطعتم ظَهرَ الرجل ".
قال ابن عاشور: هذا من بليغ الكلام النبوي، ولم اعرف سابقاً له
في كلام العرب، فهو مما انفرد به الرسول مج! يم، وهو تمثيلٌ بديع، لأنَ فيه
تشبيه الهينة الحاصلة من ثناء الرجل على الاَخر، وما يحصل للممدوح إذا
كان حاضراًاو إذا بلغه ذلك من الازدهاء والإعجاب بالنفس، فيظن نفسه
بلغت الكمال. فإن كان الثناءُ صادقاَ رثما عاد عليه بضُز الزهادة في طلب
الكمال، أو التفريط في بعض ما عنده من المحامد؟ وإن كان في الثناء
مبالغة؟ أي كان بأكثر مما في الممدوح، فذلك يغزه ويُخئل إليه أثه ساوى
الكُفل فيريد أن يجري في مضمارهم ويسمو إلى طبقتهم عن غير جدارة (2).
(1)
(2)
انظر: (الفروق: أنوار البروق في أنواء الفروق) للقرافي: 1/ 1 27 وما بعدها؟
و (النطر الفسيح عند مضايق الانظار في الجامع الصحيح) لابن عاشور،
ص 303 وما بعدها.
النظر الفسيح، ص 308.
108

الصفحة 108