كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه

العللُ مقصداَ تأرزُ إليه أفرادُ أنواع الأحكام، ولا تُناجيه بما يكفي للإذعان
بأنه مقصد، ولا تسفر عفا في أغوار تلك العلل من الفوائد".
وكأنَ تأليف ابن عاشور استجابة وتلبية للأمنية التي أعرب عنها
الشيخ جعيط، فكان الهدف من تصنيفه ليكون "مرجعاً بين المتفقّهين في
الدين عند اختلاف الأنظار وتبدّل الأعصار، وتوسّلاً إلى إقلال ا لاختلاف
بين فقهاء الأمصار، ودُرْبَةً لأتباعهم على الإنصاف في ترجيح بعض
الأقوال على بعض عند تطاير شرر الخلاف، حتى يستتبّ بذلك ما اردنا
غير مزة من نبذ التعضب والفيئة إلى الحق " (1).
والذي دعاه إلى صرف الهمّه إليه ما رأى من "عُسْر الاحتجاج بين
المختلفين في مسائل الشريعة، إذ كانوا لا ينتهون في حجاجهم إلى ادلّة
ضرورية، أو قريبة منها، يُذْعِنُ إليها المكابر، ويهتدي بها المشبَّهُ عليه،
كما ينتهي أهلُ العلومِ العقلية في حجاجهم المثطقيّ والفلسفي إلى الأدلّة
الضروريات والمشاهدات والأصول الموضوعة،! ينقطع بين الجميع
الحِجَاج، ويرتفع من أهلِ الجدل ما هم فيه من لجاج " (2).
قشَم المؤلّف كتابه إلى أقسام ثلاثة؟ فجعل القسم الأوّل في إثبات
أن للشريعة مقاصد من التشريع، والقسم الثاني في مقاصد التشريع
العامّة، والقسم الثالث في مقاصد التشريع الخاصّة بأ نواع المعاملات.
ولقد عالج في القسم الأوّل مباحث هي بمثابة القواعد لمعرفة هذا
العلم، فتكلَم عن احتياج الفقيه إلى معرفة مقاصد الشريعة، وطرق إثبات
المقاصد الشرعية، وطريقة السلف في الرجوع إلى مقاصد الشريعة،
(1)
(2)
مقاصد الشريعة الإسلامية، ص 177.
المصدر السابق، ص 177.
116

الصفحة 116