كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه

ويبحث ابن عاشور في موضوع (التسامج)، وهو كما يعزفه: إبداء
السماحة للمخالفين للمسلمين بالدرس (1)، وهو من خصائص درس
الإسلام، ووليد إصلاح التفكير ومكارم الأخلاق؟ ذلك أن الإسلام مع ما
دعا إليه أتباعه من جعله الدين هو الجامعة العظمى التي تضمحلّ أمامها
سائر الجامعات إذا خالفتها، فهو لم يجعل تلك الجامعة سبباً للاعتداء
على غير الداخل فيها، ولا لغمط حقوقه في الحياة وإجراء الأحكام،
فجعل التسامجَ من أصول نظامه (2).
ولقد أسَسى الإسلام للتسامج أسساً راسخةً، وعقد له مواثق متينة،
وفصل فصلاً مبينأ بين واجب المسلمين بعضهم مع بعض وتوادّهم من
جهة ما! عهم من الجامعة الإسلامية، وبين حُسن معاملتهم مع من
تقتضي الأحوال مخالطتهم من أهل الملل الأخرى، وقاعدة هذه الأسس
هي القاعدة الفكرية النفسية، وتلك هي أن القراَن وكلام الرسول ع! جم في
مناسبات يُعلَمان المسلمين أن الاختلاف ضرورفي في جبلّة البشر، وأنّه
مع طبع اختلاف المدارك وتفاوت العقول في الاستقامة. وهذا المبدأ إذا
تخلق به المرءُ أصبج ينظر إلى الاختلاف نظره إلى تفكير جبلّي تتفاوت فيه
المدارك إصابة وخطأ، لا نظره إلى الأفواد العدواني المثيم للغضب، قال
تعا لي: " وَلَؤشَلى رَئبنَ لجًعَلَ اَلنَاسَ أُمَة وَصِدَص وَلَا يَزَالُونَ نُحنَلِفِينَ اصأ اَ إِ لا مَن زَحِمَ
رَئُك وَلذَ لِكَ ظًقَهُ! " أهود: 8 1 1 - 9 1 1، (3).
وقد صدرت الطبعة الأولى للكتاب عن الدار التونسية للنشر بتونس
عام (977 ام)، ثم صدر عن الشركة التونسية بتونس والمؤسسة الوطنية
(1)
(2)
(3)
أصول النظام الاجتماعي في ا لإسلام، ص 53 2.
المصدر السابق، صه 35.
ا لمصدر ا لسابق، ص 57 3.
128

الصفحة 128