كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه
ه (1) َ.
سور - مزاولة مُغرَمٍ ما يجده الأديب من الحَسْرَة على نزارة ما بين يدَيْه
من شعر بشار بن بُرد، ذلك الشاعر القَرْم الذي هو فاتج باب شعر الموئَدين،
خاتم عصر الشعراء المتقذمين، وذلك الشعر الذي هو مظهرٌ من مظاهر
تحول الشعر العربي من طَوْرٍ إلى طَوْرٍ، والذي يُعَدُ بواسطة عقْدَيْن تضتم
حوالَيْها سِمْطي الشعر القديم والشعر الجديد، ويزيده كَلَفاَ به وتعطشاَ إليه
ما يروى من تَهَفُمِ أئمة البلاغة لالتقاطه، بعد انفصام عِقْدِه وانفراطه.
من أجلِ ذلك لم يزل ولا يزال المتأدبون يَشْدُون بما تناله أيديهم من
شعره، فيز تنون به مدؤناتهم، ويرضعون بفرائده مجموعاتهم.
وقد ضفَت خِزانة كتب الشيخ ابن عاشور على جزء عظيم من ديوان
بشار، يظهر أنَه نصف الديوان، كتب بخط مصرقي عتيق؟ لعلَّ أصل جمعه
وقع بقرب زمان المهدي العئاسي؟ إلا ان خطَه غير واضج تمام الوضوح،
ولم يكن لناسخها حظ قوفي في اللغة والأدب العربي، فكان يُوقع تحريفاَ
ولحناً في غريب الألفاظ، فيكتبها على مبلغ علمه وما يسبق إلى فهمه من
صور الألفاظ الغريبة، وقد اخطأ في ضبط الكلمات خطأ يدلّ على ضعفِهِ
في النحو، وفي كثير من الأخطاء ما يُوغ حيرة للناظر، يقول ابن عاشور:
"ولولا ممارستي لأدب العرب والشعور بماخذ بشار ومراميه في شعره
لَعَسُرَ عليئَ إصلاج كثير من تلك الأغلاط. . . وقد كنتُ منذ سنين طويلة
عزمتُ على نشر هذا المقدار من الديوان، ورأيتُ ان ألحق به ما وجدته
فيما طالعته من كتب الأدب مما نُسب إلى بشار، فجمعتُ ذلك، فتحقَمل
لي من ملحقات الديوان ما يُقارب الف بيت، وافردتُ تلك الملحقات
بجزء، واشرتُ إلى مستندي في نسبة تلك الملحقات إلى بشار " (2).
(1)
(2)
ديوان بشار بن برد: 1/ 99.
مقذمة لديوان بشار بن برد: 1/ 1 9 - 92.
140