كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه

فقال:
وامَا عمل الشيخ في شرحه على الديوان فقد أوضج منهجه في ذلك
وإذا كنت حَظِيْتُ باقتناءِ جزء ضخم من ديوان أحببتُ أنْ أُعَفَقَ عليه
شرحاَ يقرَّبُ للمجتني بعض معانيه ونكته، لأئي رأيتُ شعرَه مفعماَ
بخصائص اللغة العربية ونكت بلاغتها، ومحتاجاَ إلى بيان ما فيه من
غريبها، فعلَفتُ عليه هذا الشرحَ متوشطاً بين التطويل والاختصار، بئنتُ
فيه غريبَ لغته وخفيئَ معانيه، ونكتَ بلاغتِه وأدبه، وما يشير إليه من
عادات العرب وتاريخهم وعادات عَصره وتاريخ الرجال والحوادث التي
تضمَنها شعره بالصراحة أو الإشارة. وخَضَصْتُ الاستعمال العربيئَ الفصيج
بالبيان، وذكرتُ في طالع كل قصيدة الغرض او الحادثة التي قيلت فيها
مما ذكره علماء الأدب والتاريخ مع زيادة بيان لما اهملوه، واصطلحتُ
على ان غرض القصيدة إذا كان مذكوراً في أصل الديوان أضعه في الشرح
بين هلالين، وإذا لم يكن مذكوراً وذكرتُه انا لم أضعْه بين الهلالين، ليعلَمَ
المطَلِعُ ان تعيين الغرض مَرْويّ في كتب الأدب أو مستخرَجٌ من القصيدة
نفسها.
ولفَا رايتُ ابناء الأدب العربي في غالب البلاد قد زَهِدُوا فِي علم
العَرُوض والقافية نَبَّهْتُ في كلَ قصيدة على بحرِها وعروضها وضرْبِها،
ولم أبيَّن الرحاف والعِقَة العارضة في الأبيات إلا فِي مواضع جديرة
بالبيان، ثِقةً بأن التنبيه على بحرِ القصيدةِ وعَروضها وضرْبها يفتح للمطالع
طريقَ البحث عن معرفة ما يعتورُ بعضها من زِحافٍ او عِلَة (1).
! ل!!
(1) مقدمة (ديوان بشار بن برد): 1/ 0 0 1.
144

الصفحة 144