كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه
سَفَوها الحاضرة، فأصبحت بذلك موردَ العلوم ومحط رجال العلم،
فأخذ جامع الزيتونة يُغالِبُ جامع القيروان، وأخذ اسمه يتردّد أكثر مما
كان يتردّد على الألسنة والاذان.
ابتدا بناءَ جامع الزيتونة الأميرُ ح! ان بن النعمان الغ! اني الداخل
لإفريفية سنة (79 هـ)، ثم جاء الأمير عبد الله بن الحبحاب الداخل سنة
(14 ا هـ)، واتثمَ بناء5 سنة (41 ا هـ)، ولمّا توثَى زيادة الله بن الأغلب
الإمارة بالقيروان احدث به أبنيةً فخمة، وصار من أحسن الجوامع القائمة
على أساطين من المرمر والزخام.
وفي عهد أمير تونس المشير أحمد باشا (1253 - 271 اهـ) أحد
افراد الأسرة الحسينية، رأى ان تكون الدولة قائمةً بنفسها، فكان من بين
التدابير العديدة التي اتّخذها: إبطال الرق، وتشجيع التعليم، وإحلال
العربئة محل التركية (1)، وتمْظيم التعليم بجامع الزيتونة، وأص! ر في ذلك
مرسوماً سنة (258 ا هـ)، اقتضى فيه أن يُنتخب للتدريس بجامع الزيتونة
خمسة عشر عالمأ من المالكئة، ومثلهم من الحنفية، على أن يُقرئ المدزس
في كل يوم ما عدا يومي الخميس والجمعة درسَيْن من أفي فنّ أراد، وغير
ذلك من التراتيب. ثثمَ توالت عدد من التنظيمات في مراحل تاريخيّة تالية.
كان يتوئَى إدارة المعهد الزيتونيئ اربعة من الشيوخ، وهم رئيس
الإفتاء الحنفيئ، ورئيس الإفتاء المالكيّ، والقاضي الحنفيئ، والقاضي
المالكيئ، ويُسمَى هؤلاء: (المشايخ النُطَار)، ويرأس المجلس شيخ
الإسلام الحنفيئ، واكتسب الحنفية التقدم على المالكية في المواطن
الرسمية، حيث إن امراء الدولة الحسنية القائمة لهذا العهد، يتقلَّدون
مذهب ا لإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
(1)
الموسوعة العربية، دمشق، رئاسة الجمهورية، مادة (تونس): 7/ 2 0 2.
15