كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه

الفريد) لابن عبد ربه شاهد من الشواهد على ذلك؟ ولم يكتفوا بذلك، بل
نافسوا اهل المشرق في التأريخ لأنسابهم ومِلَلهِم ونحَلِهم، ودونك كتابَي
ابن حزم الأندلسيّ: (جمهرة انساب العرب)، و (الفِصَل في الملل
وا لأهواء والنَحَل).
وكان نَهَمُ العلم عندهم اوسع من الجغرافية؟ فصثفوا البرامج
والمشيخات والأثبات؟ رَوَوْا بها ما حبَّرَه العلماء في شرقي بلاد الإسلام
من مدؤَناتٍ وكتب، ودونك في ذلك (فهرسة ابن خَيْر الإشبيليّ).
وأرى ان أهل المشرق، لم يدرسوا تراث اهل المغرب والأندلس
مثلما درس اهل المغرب والأندلس تراثَ المشرقيين. فما زال كثير من
كتبهمِ وأعلامهم محجوبةً عنهم، ولا سيّما عند المتأخرين منهم، فقد
ضَعُف التواصل الحضاري بينهما، وانقسمت الدولة الواحدة إلى دويلات
وإمارات وسلطنات، ولم نعدْ نرى رجلاً نشا في طُوس (مدينة مشهد
الإيرانية الاَن) يؤلف كتاباًاسماه (تهافت الفلاسفة)، يردّ عليه رجلٌ من
أقصى الأندلس من قرطبة بكتابه (تهافت التهافت)، إنَّ التبادل الثقافي
والحضاري بين مشرق البلاد الإسلامية ومغربها المتمثل في رحلة العلماء
وانتقال الكتاب، أصبحت شبه معدومة، فلا غرو بعد ذلك أن ترى هذا
الانقطاع.
إن 3 هذا الأمرَ كان دافعاً قوئاً للكتابة عن عَلَمٍ عظيم الشأن في العصر
الحاضر؟ هو الأستاذ الإمام الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور شيخ الجامع
الأعظم وفروعه، وشيخ ا لإسلام المالكي بتونس.
إن هذا الكتابَ رسالةُ وفاءٍ يُقَدَمُها منتسبٌ واحد من أهل المشرق
من بلاد الشام إلى تونس بلدِ الزيتونة، اعترافاً بفضلها وشكراً لصنيعها،
مترجِماً فيها اشهر عَلَمٍ ظهَرَ في تونُس، وعَرَفه العالَم الإسلاميّ؟ فهو

الصفحة 6