كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه

أئه كان يوماً في ناحية من جامع الزيتونة ومعه أديبان من خيرة أدبائنا،
وكنتُ اقرأ درساً في ناحية أخرى من الجامع، فبعث إليئَ بورقة بها هذان
البيتان:
تأئَفَتِ الاَدابُ كالبدرِ في ال! حَرِ
وقد لفظ البحران موجهما الدرر
فما لي ارى! طيقها الاَن غائبأ
وفي مجمع البحرين لا يُفقدُ (الخضر)
وقد وصف ابن عاشور نفسه بقوله: ولا اَنَسُ برفقة ولا حديث أُنْسي
بمسامرة الأساتيذ والإخوان في دقائق العلم ورقائق الأدب، ولا حُبِّبَ إليئَ
شيء ما حُئبت إليئ الخلوة إلى الكتاب والقرطاس متنكّباً كل ما يجري من
مشاغل تكاليف الحياة الخاصة، ولا أعباء الأمانات العامة التي حُمِّلتُها
فاحتملتُها في القضاء وإدارة التعليم حالت بيني وبين انسي لمحي دروسٍ
تضيء منها بروق البحث الذكي، والفهم الصائب، بيني وبين أبنائي الذين
ما كانوا إلآَ قزَة عين وعدة فخر، ومنهم اليوم علماء بارزون، أو في مطالعة
تحارير اخلص فيها نجتاً إلى الماضي من العلماء والأدباء الذين خلَّفوا لنا
اَثارهم الجليلة ميادين فسيحة ركضنا فيها الأفهام والاقلام مرامى بعيدة
سذَدنا إليها صائب المهام (1).
ووصفه احدهم فقال: رأيتُ فيه شيخاً مهيباً يمثل امتداداً للسلف
الصالح في سمته، ودخل في عفده العاشر ولم تنل منه السنون شيئاً. .
قامة سمهرية خفيفة اللحم، وعقلية شابة ثرية بحصيلتها، وقلب حافظ
اصاب من علوم القدماء والمحدثين، ولسان لافظ يقدر على الخوض في
(1) محفوظ: 3/ 6 0 3، من الكلمة الثي القاها يوم إسناد جائزة الرئيس بورقيبة له.
82

الصفحة 82