كتاب محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه

فتوى التجش! وغيرها لم ينزل عن المستوى الخلقي الذي يتّصف به
العلماء، بل لم يُشِرْ إلى خصومه، ولم يشكُ منهم قط (1).
وافَا عاداته ومعاملاته؟ فكان الشيخ كثير ا لإحسان إلى مساعديه مِن
المستكتبين والعَمَلة، ومن عاداته عدمُ تناول وجبة العشاء، فإذا حضر
مأدبة تظاهر بالأكل مجاملةً (2).
قال داغر: "امتاز إلى جانب علمه ودابه ومعرفته الواسعة وتحزره
الفكري، بالتواضع والنفس الخئرة والعقل الراجج والتدبير القويم " (3).
يقول فيه الدكتور محمد الحبيب بلخوجة: "هو نمطٌ فريد من
الأشياخ لم نعرف مثله بين معاصريه او طلابه او من كان في درجتهم من
اهل العلم. إذ كان انكبابه على الذَرس متميّزاً، واشتغاله بالمطالعة غير
منقطع، مع عناية دائمة مستمرّة بالتدوين والكتابة، وتقديم ما يحتاجُ إليه
الناس من معارف وعلوم، وأذواق واَداب، وملاحظات وتأمّلات؟ فلا
بدع إذا اطرَدَتْ جهودُه واستمرّ عطاؤه في مختلف مجالات الدرس
والثقافة، في حقول المعرفة الشرعتة والدينتة، وفي الدراسات اللغوية،
وفي معالجة اوضاع التعليم بالزيتونة، والعمل على إصلاحها، مع ذبئ عن
الإسلام أصوله واَدابه، وتطقعه كلّ يومٍ إلى مزيدٍ من المعرفةِ بكلّ ما يمكن
ان يقع تحت يده من كتب فريدة، ومخطوطات ومصنّفات في شتّى العلوم
وا لفنون.
وقد وهبه الله متانة علمٍ، وسعة ثقافة، وعمق نظر، وقدرة لا تفتر
(1)
(2)
(3)
الغالي، ص 63، نقلاً عن مقالة لابن الخوجة في مجلة جوهر الإسلام، العدد
(3)، السنة 1978 م، ص 21.
الغالي، ص 64.
مصادر الدراسة الأدبية، قسم 1: 3/ 57.
84

الصفحة 84