كتاب إسماعيل بن علي الأكوع علامة اليمن ومؤرخها

سَيْر الحرب العالمية الثانية، وكانت في عنفوان حدَّتها".
ومن طريف ما يذكره صاحب الترجمة عن القاضي الحجري، قال:
" دعوته ذات يوم للغداء، فتباحثنا في أمور تتعلق بالجغرافية، ثم قلت له:
هذا كتاب (معجم البلدان)، فقال لي: انا أشتهي الان معجم الغداء! ".
وقد غرستْ مجالسُ العلم هذه في نفس الشيخ حبَّ العلم والشغف
به، وكان يتذؤَق للعلم لذَة لا يجد لها مثيلأ في نعيم الدنيا، تجعله يتباهى
بما عنده به بين اقرانه، وفي مجالس والده، الذي كان يغذي فيه هذ5
الروح الوثابة إلى طلب المعالي؟ ومن ذلك أنه عندما حصل على كتاب
(معجم البلدان) لياقوت الحموي، واخذ يطالِعُ ما فيه بشغف بالغ، خاصة
ما يتعلق ببلدان اليمن، ويقول: " ولقد كنت احسنُ بنشوة كبيرة وأنا أتباهى
بما عرفت من هذا الكتاب، وبما علمت من أمره أمام أترابي وزملائي،
وأتحدَثُ به مبتهجأ في مجلس والدي، وفي بعض مجالس العلماء
الاخرين -ر! م الله جميعاً-بما شدوت به من علم الجغرافية " (1).
حتى أيام الراحة وساعات الاستجمام، كان يغتنمها مع أصحابه
وأترابه في المذاكرة والدرس، ويفول: " وكنتُ أخرجُ مع الطلاب في أيام
الإجازة إلى الضاحية الجنوبية لمدينة ذمار، فكنا نتبادل الأراجيز والشعر
والمقاطيع والشواهد وا لإعراب ".
ومن الواضح أن هذه المرحلة أثرت في مسيرة حياته فيما بعد،
حيث صبغتها بالصبغة العلمية، وحب العلم وأهله، والتفاني في طلبه
وخدمته. والصفحات التالية ترينا مصداق ذلك.
(1) البلدان اليمانية عند ياقوت، ص 6.
26

الصفحة 26