كتاب إسماعيل بن علي الأكوع علامة اليمن ومؤرخها

بعدها امر الإمام بسجني في سجن الروضة، وهو قريب من قصره،
وكان قد سبقني إليه ائنان من الزملاء الأحرار؟ هما عبد السلام صَبْرة،
ومحمد بن احمد السياغي، اللذان حُبستُ معهما، وبقينا هناك أياماً،
ولما حاول إسماعيل ابن الإمام يحيى الفرار إلى عدن ليلحق بالأحرار
المناوئين لسياسة والده، قامت قيامة الإمام لهذا الأمر، وأمر بنقلي إلى
حَبْس! قصر غَمْدان الذي سُفَي بغمدان القصر القديم. فمكثت فيه
اسبوعاً. وكان فيه ايضاًالشيخ عبد الله بن ناجي القوسي واخوه صالح،
وناصر بن علي البخيتي، المعتفلون قبلي بسبب فرار الشيخ محمد بن
ناجي القوسي إلى عدن ولحاقه بالأحرار هناك. ثم استدعيت إلى سجن
الصنايع (الذي كان مدرسة للصناعة في عهد الدولة العثمانية، فحوَّلها
الإمام يحمى إلى سجن)، فانضممت إلى مَنْ سبقني إليه من الأحرار، وهم
الإخوة السياغون الثلاثة، وعبد السلام صبرة، والشيخ جازم محمد
الحِرْوي.
وفي هذا السجن طُوقتُ ومن معي من الاخرار بسلسلة حديدية
حول رقابنا، كما كُفف بحراستنا ستة جنود من حرس الإمام غلاظ
القلوب، وحينما اخرجنا من سجن الصنايع طافوا بنا شوارع صنعاء على
مشهد من اهل صنعاء لإخافة الناس، ولإرهاب مَنْ يفكر بمناوأة الإمام
بأنه سيلاقي ذلك المصير، على نحو ما وصفه شاعر اليمن محمد محمود
الزبيري في قصيدته الشهيرة الآتية.
ثم ساقنا الجنود القساة العُتاة سَوْقَ الأنعام، ومتاعُ كلِّ فردٍ منا
يحمله على كتفه، ومشينا على الأقدام المرحلة الأولى من صنعاء إلى
وِعْلان، ومنها في اليوم الثاني إلى مَعْبَر، وفي اليوم الثالث مشينا مسافة
حتى عجَزنا عن المشي، فأرسلنا برقية إلى الإمام يحيى نطلب شفقته علينا
44

الصفحة 44