كتاب إسماعيل بن علي الأكوع علامة اليمن ومؤرخها

الألم بنا نجار بالدعاء إلى الله، ونشكو إليه ما حلَّ بنا، فيَسْخَرُ منا حزَاسُنا
قائلين لنا: دعاء لجا ولا ينفعكم الدعاء. وكانوا مع هذا عالةً علينا في
النفقة والطعام، ممَّا جعل احد رفاقنا - وهو جازم الحِرْوي، وكان يتحمَّل
القسط الأوفر من تكاليف نففات الرحلة - أن يطلبَ متا أن نكتب له سنداً
وإشعاراً بأنه انفق علينا خلال تلك الرحلة المشؤومة بقدر ما استدعته
الضرورة، فتولى الكتابة محمد بن احمد السياغي، ونصُّ ما كتب: " نقول
- نحن الواضعين أسماءنا -: إنَا خرجنا من صنعاء، وامرنا الشيخ جازم بن
محمد الحِرْوي ان ينفق علينا في الطريق، وتسليم كل لازم لعدم وجود
شيء بأيدينا، وقد توئَى المذكور الإنفاق، وكفانا كل لازم، وهذا سَنَدٌ
بيده، وعلى كل واحد منا تسليم ما عليه، وهو السّدس. . . ". واشهدوا
على ذلك الحرس المرافقين لهم.
يقول صاحب الترجمة: وكان الغرض من كتابة هذا التعهّد هو
إشعار هؤلاء الحرَّاس ان القدر جمعنا، وأنَّه لم يكن بيننا معرفة من قبلُ
حتى لا يبفغوا الإمام بوجود تعاون بيننا.
وقد اثارت هذه الحادثة مشاعر السخط والغضب والاشمئزاز في
صفوف الناس قاطبة على الإمام يحيى، ووصف هذه الرحلة العسيرة
الشاقة شاعرُ اليمن محمد محمود الزبيري في قصيدة طويلة جاء فيها:
طافوا بهم حَوْلَ صنعاءَ يطمِسون بهم حقّأ يضيقُ به الطاغي ويخشاهُ
وطؤَقوهم جميعاً ضِمْنَ سلسلةٍ مِنَ الحَديدِ يهولُ الناسَ مَراهُ
سِيقوا جياعاً، ولم يَسْمَجْ مُعَذِّبُهُم ان يستعدّوا بزادٍ يومَ بلواهُ
وسارَ مِنْ خلفِهم جُنْدٌ زبانيةٌ إذا اتوا خِزية مِنْ أَمْرِهِم تاهوا
يَسْتَمْنِحُونَ مِنَ الأسرى ماَكلَهُم يا لُؤمَ مَنْ راحَ يَسْتَجْدِي ضحَاياهُ
وفي اوائل المحرم سنة 364 اهأمروا بنقل المعتقلين المهمين،
46

الصفحة 46