من نتيجة سوى الهذر والهذيان، ثم تتبَع السيوطي في أكثر من خمسة وثلاثين
موضعاً بيهن ضعفها ووَهَاءَها، ونكارتها وشذوذها، وغفلة المؤلف عن بعضها،
ونثر في ثنايا هذه التتئعات رؤىً نقدية دقيقة، تدل على إنصاف ورسوخ، ووعي
وبصيرة.
ومن ذلك رده على من قال: إولقب ذا الفرنين لأنه بلغ قرني الأرض:
المشرق والمغرب، وقيل: لأنه ملك فارس والروم، وفيل: كانت صفحة رأسه
من نحاس، وقيل: كان على رأسه قرنان صغيران تواريهما العمامة. . . وقيل:
لأنه أعطي علم الظاهر والباطن، وقيل: لأنه دخل النور والظلمة ".
فكان رده رحمه الله: قلت: جميع ما ذكره المؤلف غير صحيج، بل فيه ما
هو من قبيل الخرافة، وهذ 5 الأقوال قيلت عن ظن وتخمين لا عن دليل، وأطرف
ما فيها أن المراد بالقرنين علم الظاهر والباطن، وهذا اصطلاح صوفي، فهل كان
ذو القرنين صوفياً؟!!.
والأقرب إلى الصواب أنه كان لذي الفرنين في التاج الذي يضعه على
راسه قرنان، يرمز بها إلى القوة على المعتاد عندهم في ذلك الزمان.
ومنها ما ذكره السيوطي عن ابن الضريس في (فضائل القراَن) عن
عكرمة: قال: لما كان بعد بيعة أبي بكر رضي الله عنه قَعَدَ علي بن أبي طالب
رضي الله عنه في بيته، فقيل لأبي بكر: قد كره بيعتك، فأرسل إليه، فقال:
أكرهت بيعتي؟ قال: لا والله، قال: ما أقعدك عني؟ قال: رأيت كتاب اللّه يزاد
فيه، فحدثت نفسي ألا ألبس ردائي إ لا لصلاة حتى أجمعه، فقال أبو بكر: فنعم
ما رأيت.
فعلَق رحمة الله عليه: هذا اثرٌ منقطع لا يصج، لأن عكرمة لم يدرك علياً
عليه السلام، وأبو بكر بويع بعد وفاة النبي! لَخي! بيومين، فكيف ينسب إلى علي
أنه قال: رأيت كتاب الله يزاد فيه؟.
ومن الذي زاد فيه داخل ذينك اليومين؟! ونحن الاَن في المئة الرابعة
101