كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

وبنى بها زاوية كبيرة، وبدأ يُدزَس فيها العلوم العربية والشرعية، واقام للعلم
والتصوف سوقاً رائجة، وتخزَج به علماء وصلحاء.
وحجَ الشد محمد بن الصديق سنة (9 32 ا هـ) وحمل معه عائلته للحج،
ومن جملتهم الشد عبد الله، وكلَف أحد مريديه أن يفعل بالسيد عبد الله شعائر
الحج، وذلك طبقاً لما صحَ في السنَة النبوية.
وأصل إقامة عائلتهم بقبيلة بني منصور، من قبائل غُمارة - بضم الغين-
في قرية تُجكان، وهناك زاويتهم وضواريح أجدادهم، وكان قدوم أحد أجدادهم
من الأندلس في أواخر القرن الخامس الهجري، ونزل بأحواز تلمسان، ونثأ بها
عقبه.
ثم انتقل عبد المؤمن الصغير إلى غُمارة أواسط القرن العاشر، ونزل
بالموضع المسمى تجكان، واشتهر هناك بالصلاح والعبادة والكرامات، واستقر
بها إلى أن مات، وترك عقبه بها إلى اليوم.
2 - مدارج الطفولة ومسالكه الأولى:
ترعرع الشد عبد الله في بيت العلم والصلاح بين يدي والده العالم
المربي، فلمَا بلغ من العمر خمس سنين اُدخل الكُئاب القرآني، فحفظ القران
الكريم حفظاً متقناً برواية ورش - وهي السائدة في المغرب - وأتقن الرسم
القراَني إتقاناً شديداً، وحفظ في ذلك معظم منظومة الخزَاز المسماة: (مورد
الظماَن).
ثم شرع في حفظ بعض المتون، فحفظ (متن الأربعين النووية)
و (الاَجزُومية) في النحو، وقسطاً كبيراً من (الفية ابن مالك) النحوية، وقطعة من
(بلوغ المرام من أدلة الأحكام) لابن حجر، وقطعة من (مختصر الشيخ خليل بن
إسحاق) في فقه المالكية.
ثم امره والد 5 بالسفر إلى فاس، إلى القرويين حاضرة العلم بالمغرب
11

الصفحة 11