وأما الهجر الوقائي ففي السئة حديثان، قول النبي! سًييه: "إن شزَ الناس
منزلةً عند الله يومَ القيامة مَنْ تركَهُ الناسُ اتَقاءَ فُحْشِه " رواه البخاري.
والثاني: حديث ابن عبإس مرفوعاً: "من بدا جَفَا، ومن إتغ الصَّيد
غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن " أخرجه الترمذي والطبراني في (الكبير).
وفيه الإجماع: ونقل ذلك عن ابن عبد البر، ثم نقل أخبارا عن السلف في
هذا النوع، وفضَل ذلك بتومع، وخلص إلى قوله: عُلِمَ مما تقدم أن الهجر
الأيجابي يصدر مفَن يملك حق الزَّجر، وأن الهجر الوقائي يصدر ممن يخاف
على نفسه شرَ المهجور أو الفتنة بسلطان، أو ماله مثلاً، ولذلك كانا مشروعَيْن،
واما الهجر السلبي الخالي من الأمرين فهو ممنوع لأنه لا خير فيه ولا ثمرة ترجى
وضابطه ان يحصل الهجر على امر مُختلف فيه بين العلماء بالتحريم
وغيره، ومثاله الخلاف في اكل لحوم الخيل عند الشافعية، والمحزَم عند
المالكية، فلا يجوز الهجر على هذا، وهو هجر سلبي.
ومثاله شرب الدخان، وتردد العالم على السلطان، فالورع التنزه عنه،
لكن لا يهجر إذا فعله بتأويل.
ثم تحدث عن البدعة ما هي، وكيف تجنَّب العلماء كلام البدعة عند
المبتدعة، واخذوا من مصنفاتهم غيره كنقلهم من تفاسير المعتزلة، وكتبهم
الأصولية فيما لا يتعلق ببدعتهم، ثم تحدث عن المنكر الذي لا يهجر صاحبه.
ومن إشراقات هذا البحث ما ذكر 5 من (صحيج البخاري) عن عائشة أ ن
فاطمة والعباس عليهما السلام اتيا أبا بكر رضي الله عنه يلتمسان ميراثهما من
رسول الله ع!، فقال لهما ابو بكر رضي الله عنه: سمعتُ رسول الله! سو يقول:
"لا نورثُ ما تركناه صدقةٌ، إنما يأكل آلُ محمدٍ من هذا الما ل ".
قال ابو بكر: والله لا أدعُ أمراً رأيتُ رسول الله عنًي! يصنعه فيه إلا صنعتُه،
128