كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

ثم غادر مدينة فاس عائداً إلى طنجة مثابراً على العلم مُصغياً إلى دروس
والده، فحضر دروسه العامة والخاصة في الحديث والفقه وغيره، وكان يرشده
إلى مظانَ المعرفة والعلم، ويبين له قيمة الكتب والمؤلفات، وأشار عليه
بالتصنيف وا لتأليف، والتدريس للطلبة إ لى جانب مثابر ته على ا لحفط وا لاطغ.
فدزَس لبعض نُجباء الطلبة المقدمة الاَجرومية في النحو، ورسالة ابن أبي زيد
القيرواني بشرح أبي الحسن في الفقه.
وبدأ يختصر كتاب (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول)
للشوكاني. وكتب شرحاً على الآجرومية يُعتبر أكبر شرح وأكثره فوائد، قال:
بعد ان راجعت من شروحها وحواشيها ما ينيف على العشرين. ما بين مخطوط
ومطبوع، ثم عرضه على والده، فأصلج له فيه مواضع بخطه وأقزَه، وسمَّاه له
أخوه السيد أحمد: (تشييد المباني لتوضيح ما حَوَته المقدمة الاَجرومية من
الحقائق والمعاني).
وقال رحمه الله (1): وقرأت في كتب النحو كثير اً.
وقال (2): ولازمت مطالعة (مقامات الحريري) كثيراً حتى كدت
أحفظها، وفهمت ما فيها من أنواع البلاغة، وأفادتني كثيراً في هذا المجال.
وكان إذا جاء والدَه استفتاءٌ من افي جهة من جهات المغرب يدعوه،
ويُملي عليه الفتوى، ويكتبها ثم يمضيها، وتارةً يأمر السيد عبد الله بأن يمضيها
باسمه0
وكان يزور والده كل صباح في المكتبة أو في البيت الذي يجلس فيه، ف! ن
تأخر يوماً بعث إليه وسأله عن سبب تأخره، ويقول رحمه الله (3): وكنت أنافشه
(1)
(2)
(3)
بدع التفاسير، صا 6 1.
سبيل التوفيق، ص 23.
المصدر السابق، ص 2 2.
13

الصفحة 13