كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

الذهاب إلى الميناء، طلعت الدور الفوقي - أي العلوي - حيث يجلس مولانا
الإمام الوالد رضي الله عنه، فلقنني وِرْد الشاذلية، وأوصاني بالاستقامة، ولزوم
الجادة، فقئلت يده، ورجلَيْه وانصرفت، وكان قبل ذلك قد حدثني عن الأزهر
وعن مصر بوجه عام، وامرني بتعلم التجويد، وعلم التوقيت.
ووصل الإسكندرية أواخر شعبان (349 1 هـ)، وزار معهد الإسكندرية
الديني التابع للأزهر، وكان شيخه الشيخ عبد المجيد اللئان واستجازه فأجازه.
ثم وصل القاهرة مع اخويه في الأسبوع الاول من شهر رمضان، وبعد
انصرام الشهر وإجازة العيد، التحق بالأزهر في القسم العالي، فدرس على عدد
من شيوخ الأزهر وعلمائه، في الفقه والأصول والمنطق، وفقه الشافعية
وغيرها، واستجاز بعضهم فأجازوه.
وتابع دروسه ودَأَبه في الأزهر، فشجَعه زملاؤه الطلبة الذين عرفوه على
التفدم لامتحان شهادة العالمية الخاصة بالغرباء عن مصر، وكان الامتحان في
هذه الشهادة، في اثني عشر علماً، وهي: الأصول، والمعاني، والبيان،
والبديع، والنحو، والضَرف، والتوحيد، والمنطق، والحديث، والمصطلج،
والفقه، والتفسير، وتقذَم للامتحان سنة (0 35 1 هـ) ونجج في شهادته.
ثم بعد ذلك نال شهادة العالمية الأزهرية، وكان الامتحان في العلوم
السابقة، ويضاف إليها: علم الوضع، وعلم العَروض والقوافي، وعلم
الأخلاق أي التصوف، فبلغت جملة العلوم خمسة عشر علماً. يقول رحمه إدئه
تعالى: وكان رئيس اللجنة التي اختبرتني: الشيخ محمد زغلول شيخ معهد
الزقازيق، وكان من جملة أعضاء اللجنة: الشيخ عبد المتعال الصعيدي،
وعندما دخلت على اللجنة وسلمت عليهم، قال لي الشيخ الصعيدي: كيف
حالك يا فلان؟ فقال رئيس اللجنة: إذن بينكما معرفة؟ فأجابه: لا أعرفه، لأنه
سُني وانا ملحد، فتشاءمت من هذه العبارة، لانه كان قبل ذلك بأيام، كتب
مقالأ، اجاز فيه التصوير ورددنا عليه، فظننت أنه سيكون ضدنا في الامتحان،
15

الصفحة 15