كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

وكانت سيرته -أعلى الله مقامه - سيرة العلماء العاملين، والزفَاد
السالكين، والمربين الناصحين، والغيورين المجاهدين، والهداة الذَإبين عن
حِمَى الشريعة، ولم تكن حياته لتخرج عن مسالك التصنيف والتأليف، والإجابة
على الأسئلة الواردة، والتعليم لمن يتحالَقون حوله، ويكتبون إ فاداته وتعليقاته،
وهناك أجوبة لم يدؤنها بنفسه ودوَّنها بعض تلامذته0
وكنت أقول لإخواني الذين يعرفونه والذين لا يعرفونه: إنَ السيد
عبد الله بن الصديق الغماري جبلٌ شامخ، ولكنه سَهلُ المرتقى.
توفي السيد عبد الله بن الصديق، يوم الخميس 19 شعبان (413 1هـ)
الموافق 11 فبراير (993 1م)، عن سن تناهز خمساً وثمانين سنة، ودُفن في
الزاوية الصديقية بجوار والده ووالدته، رحمهم الله تعالى، وأعلى في الجنان
مقامهم، ثم دفن بعد ذلك بجواره، إخوته السيد عبد العزيز، والسيد
عبد الحي، والسيد إبراهيم، رحم الله الجميع.
لقد كانت جنازته مشهودة، صُلّي عليه بالجامع الكبير في طنجة،
وامتلأت الشوارع والأزقة من المسجد إلى الزاوية بالشباب المحبين، وبالشيوخ
والكهول الباكين، يُودعون علماَ شامخاَ، ومحدَثاً فذاً، وإماماً رائدإً، عز نظيرُه
من أمد غير قصير، وحزن عليه علماء الإسلام عامة، واهل الحديث والسئة
خاصة، في مشارق الأرض ومغاربها، فقد تركت وفاته، أعلى الله مقامه ثلمة
كبيرة، وفراغاً علمياَ واسعاَ.
***
29

الصفحة 29