كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

التعريف بطائفة من مؤلفاته وقبس من أفكاره
إن كتابات السيد عبد الله، سواء كانت تأليفاً أو تحقيقاً، أو جواباً لسؤال!،
او فتوى في نازلة. . محكمة دقيقة من طراز الأوائل من الكبار الذين يعرفون قدر
الكلمة والحرف، وليست من نوع الإنشاء والإسراف فيه، كما نلاحظه عند كثير
من كتاب عصرنا، الذين يتكلمون بشهوة الكلام، أو يكتبون لمغْنم أو ربح، أ و
يخطبون لتشير إليهم أصابع الجمإهير. . .
لقد كان السيد عبد الله بمعزل! عن هذا كله، كما عرفناه من قرب، ورأينا
ذلك في كتاباته، وهي تصدر لغاية نبيلة، وهدف واضح دفاعاً عن حمى
الشريعة، وذوداً عن ثوابت القران والسنَة، وعقائد المسلمين، ولهذا نجد
بعضها في صفحات، وبعضها في مئات الصفحات.
إنها جميعها محكمة في لغتها، قوية بأدلتها، مليئة بالفوائد، تبلغ بالقار ى
إلى الحكم الفصل في القضية التي تناولها.
لىن حصر ما فيها من فوائد، لا يمكن، لأن اختصارها غير متأتٍّ، وما
ذلك إ لا لأنها جاءت عصارة فكر، ووجهة إ مام، يقرر الحكم ويقيم عليه الأدلة،
فترك بعضها إجحاف وعدم إنصاف. . .
ولا بد لي من القول!: بأن الناظر في كتبه يجد أن السيد عبد إدلّه يقرر رأيه
بالحجة والدليل، ويعتذر لغيره إن خالفه في الفقه وفروعه، غير معنِّف ولا
ساخط، ولا متهجم، بل يؤكد أن الفقه عمل اجتهادي يُصيب المرء فيه
ويخطئ، وفي كلتا الحالتين إذا صلحت ا لنية فهو مأجور.
ويجد كذلك فيها الإنصاف العلمي دون تعضُب لمذهب أو شخص أ و
فكرة، وفيها تقدير العلماء، ولو خالفهم الرأي، أو أثبت أنهم جانبوا الطريق
47

الصفحة 47