كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله حمد الشاكرين الذاكرين، والصلاة والسلام على سيد الأولين
والاَخرين، محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين، وصحابته الغزَ الميامين،
ومن اهتدى بهديهم إ لى يوم الدين.
اما بعد: ف! ن السيد عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري، من الأعلام
البارزين، الذين اثروا في مسيرة العلوم الإسلامية في عصرنا هذا تأثيراً بالغاً،
مدة خمسين عاماَ او يزيد، بارائه الشجاعة، وفتاواه المحكمة، وكتبه المفيدة،
ودروسه القئمة، وخطبه المنتقاة الرصينة، فكؤَن بذلك تياراً فكرياً واسعاً في
ارجاء العالم من اندونيسية شرقاً، إلى امريكة غرباً، ولقد كإنت حياة هذا الإمام
مقصورة على العلم الشرعي، وبثه في الصدور والسطور، وجهاداً متواصلاً
للذبِّ عن حمى الشريعة الغزَاء، ورداً للعوادي عنها في العشايا والبكور، دفعاً
لما يبديه اهل الحقد والضلالة والجهالة والقصور، فلم تكن تأخذ 5 في الدفاع
عنها لومة لائم، ولم يكن ليثنيه عن قول الحق الذي يراه سطوة آثم أو ظالم.
لقد تقلَب في أرجاء المغرب طالباَ، ثم ارتحل إلى مصر، فرسخ حتى
صار حَبْراً شامخاً، ومثابة للعلماء وطلاب العلم، ومناراً للحديث والسنَّة عالياً،
ثم انقلب إ لى المغرب إ ماماً ناصحاً، ومعلماً هادياً، ومرجعاً مكيناً، تطير أفكار 5
في الأرجاء كل مطار، وتتسابق إليه العلماء في الأنحاء والأقطار، فكانت حياته
المديدة - اعلى الله مقامه - مَعْلماً من معالم الدين، وسجلأً حافلاً سجَل فيه ما
تعرضت له الشريعة الإسلامية من مواقف المؤيدين، وشبهات المعارضين،
والمتسللين والمعتدين الاَثمين، وإن افكاره وكتبه كإنت ولا تزال غضَّة طرية في
الأجيال سارية، وفي حلقات الدروس حاضرة مؤثرة.

الصفحة 5