كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

صرَحت هذه الأحاديث بأن جسم الإنسان وأعضاءه ملك دلّه تعالى،
خلقها له لينتفع بها في أعماله، فلا يملك التصزُف فيها بهبة أو بيع أو تبرُّع،
ولهذا حزَم الانتحار، وتوغَد المنتحر.
ومن أدلة منع نقل العضو قوله تعالى حكاية عن إبليس لعنه اللّه:
" وَلَأَمُيَنَهُخ فَلَيُغَيِزُث صئفَ أدتَةِ " أ النساء: 9 1 1) وهذا بعمومه يشمل نقل عين
أو كلوة او قلب من شخص لاَخر، وتشمل خصاء العبيد.
وفي (الصحيحين) عن عبد اللّه بن مسعود قال: "لعن الله الواشمات
والمستوشماتِ والمتنفَصاتِ، المتفلِّجاتِ للحسنِ، المُغيرات خلقَ الله تعالى،
ما لي لا العنُ مَنْ لعنَ النبي! شَي! وهو في كتاب اللّه تعالى ".
وفي (الصحيحين) عن أسماء بنت ابي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي
ع! يم فقالت: يا رسول اللّه، إن لي ابنة عريِّساًاصابتها حصبة فتمزق شعرها
افأصله؟ فقال: "لعن اللّه الواصلةَ والمستوصلةَ ". وله طرق في (الصحيحين).
والحصبة بثور في الجلد، وتمزق وتمرق - بالزاي والراء - سقط.
وقد شكت المراة إلى النبي! شَي! مرض ابنتها، وطلبت منه أن ياذن لها في
الوصل على سبيل العلاج، فلم يأذن لها في ذلك فدل على شيئين:
1 - العلاج بنقل العضو لا يجوز، بل يلعن فاعله.
2 - أن من اصيب بداء فَقَدَ بسببه شعرأ أو عضوأ، لا يجوز له أن يكمله من
شخص آخر، وعلة ذلك: أنه تغيير لخلق الله، وتدليس، وفيه مُثلة فهي محزَمة،
وتصزُف الإنسان فيما لا يملك، ومناف لكرامة الادمي.
ومم! قاله الإمام النووي في شرح هذه الأحاديث: يحرم الانتفاع بشعر
الاَدمي وسا ئر أجزائه لكرامته، بل يُدفن شعره وظفره وسا ئر أ جزائه.
ونقل القرطبي عن ابن عبد البر قوله: لا يختلف فقهاء الحجازيين وفقهاء
الكوفيين أن خصاء بني اَدم لا يحل ولا يجوز، لأنه مُثلة، وتغيير لخلق إدئه
تعالى، وكذلك قطع سائر اعضائهم في غير حد ولا قود، وهو مجمع عليه.

الصفحة 59