كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

وبهذا يتبئن تحريم نقل عضو من صحيج إلى مريض، ومن ميت إلى
حي، كيفما كانت الأسباب والدواعي، ثم ذكر الحديث الشريف عند أحمد
وابي داود وغيرهم عن السيدة عائشة عن النبي! م! م: "كسرُ عطمِ الميتِ ككسرِ
عظمِ الحي "، وفي بعض زياداته الحسنة: "في الإثمِ ".
وذكر الحديث الاَخر عن ابي هريرة عند مسلم وغيره: "لأن يجلسَ
أحدُكم على جمرة، فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده، خيرٌ له من أن يجلسَ إلى
قبر"، ومثله عن عقبة بن عامر عند ابن ماجه، ثم قال: "هذا غاية ما يكون في
احترام الميت، ومنع اي عمل يؤذيه، أو يهين كرا مته، فكيف يتجرأ بعض المفتين
على انتزاع جزء منه بدون دليل إلا الانسيإق مع النصارى الذين لا يرجعون في
عملهم إلى خلق ولا دين؟!!.
ثم بئن أن الطبيب الذي ينقل العضو من شخص لاَخر يعزر، والشخص
الذي يسمح بنقل جزء منه لدواء أو لغيره يُعزَر أو يؤدَب حتى لا يعود، وله مع
ذلك عقاب في الاَخرة إ لا أن يتوب.
واستدكَ بما أخرجه مسلم في (صحيحه) عن جابر أن الطفيل بن عمرو
الدوسي هاجر إلى النبي -لمجيم بالمدينة، وهاجر معه رجل من قومه، فاجتووا
المدينة، فمرض الرجل فأخذ مشاقص، فقطع براجمه - أي مفاصل الاصابع-
فشخبت - أي سالت دمأ -حتى مات.
فراَه الطفيل في المنام على هياة حسنة ورآه مغطياً يديه، فقال: ما صنع
بك ربك؟، قال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه! شَيك فقال: ما لي أراك مغطياً يديك؟
قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت، فقضَها الطفيل على رسول الله لمجم
فقال: اللهم وليديه فاغفر.
وأفاد هذا الحديث أنَ من تصزَف في عضو منه بتبزُع أو غيره يبعث يوم
القيامة ناقصأ منه ذلك العضو عقوبة له. . .
ثم بثن معنى القاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) التي يتعلق بها
60

الصفحة 60