كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

وقال ابن عبد البر في (الاستذكار): هذا الخبر لا يثبته أهل العلم
بالحديث، ولا هو مما يحتج به عندهم، فامرأة أبي إسحاق، وامرأة أبي سفر،
وأم ولد زيد بن ارقم كلهنَ غير مؤذنات بحمل العلم، وفي مثل هؤلاء روى
شعبة عن أبي هاشم انه قال: كانوا يكرهون الرواية عن النساء، إلا عن أزواج
النبي ع!.
قال: والحديث منكرُ اللفظِ لا أصل له، لأن الأعمال الصالحة لا يبطلها
الاجتهاد، وإنما يحبطها الارتداد، ومحال أن تلزم عائشة زيداًالتوبة برأيها،
وتكفَره باجتهادها، هذا ما لا ينبغي أن يظن بها، ولا يقبل عليها.
وابطله ابن حزم في (المحلى) بنحو من هذا وأجاد.
وهذا نموذج في النقد الحديثي لم يتصدَ له أحد من المعاصرين، بل منذ
قرون لم يكن مثله، وما هذا إلا لرسوخ السيد عبد الله في عدة علوم، ورسوخه
في علم الحديث خاصة.
6 - منحة الرؤوف المعطي ببيان ضعف وقوف الشيخ الهبطي:
وهذا البحث من جليل البحوث ودقيقها التي تدل على إمامة السيد
عبد الله في علم القرآن والتفسير واللغة، كما يدل على ثباته في قول الحق
وتحفُل تبعا ته.
قال رحمه الله: إن الوقوف، عِلْمٌ من علوم القرآن الكريم، عني به
الصحابة، لتلقَيهم إياه عن النبي جم!، واعتنى به العلماء فكتبو! فيه المؤلفات
الكثيرة، مثل: (الوقف والابتداء) لابن الأنباري، وأبي جعفر النحاس،
والداني، والزجاجي، والعماني، والسجاوندي، والأشموني وغيرهم. . . إ لى
أن قال: وصزَحوا بأنه لا يقوم بالوقف إلا عالم بالنحو والقراءات والتفسير
والقصص، لكن الشيخ الهبطي، وهو أبو عبد الله محمد بن أبي جمعة المتوفى
بفاس (0 93 هـ) الذي عمل الوقف لم يقرأ هذه النصوص، ولم يكن يعرف علم
67

الصفحة 67