كتاب عبد الله بن الصديق الغماري الحافظ الناقد

وقال رحمه الله: والترك وحده إن لم يصحبه نصقٌ على أن المتروك
محظور لا يكون حجة في ذلك، بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع.
وأما أن ذلك الفعل المتروك يكون محظورأ، فهذا لا يُستفاد من الترك
وحده، وإنما يستفاد من دليل يدكُ عليه.
وقد ذكر هذه القاعدة أبو سعيد بن لب من قبل، وقزَرها ابن حزم في
(المحلى) في اكثر من موضع ذكرها، وقال: وقد أنكر بعض المتنطعين، ونفى
أن تكون من علم الأصول، فدل بإنكاره على جهل عريض وعقل مريض.
وها انا ابئن أدلتها في الوجوه الاَتية:
احدها: إن الذي يدل على التحريم ثلاثة أ شياء:
ا - ا لنهي، نحو " وَلَا ئَقربُوا ألزنَ+ " 1 ا لإ سرا ء: 2 3)، " وَلَا تَأكُلُوَا أَمؤَلَكُم
بَينكُم بأِلبَظِلِ " 1 ا لبقرة: 88 1).
2 - لفظ التحريم، نحو: " حُرمَتْ عَلَتكُمُ اَتمَيتَةُ " أ ا لما ئدة: 3).
3 - ذئمُ الفعل او التوغُد عليه بالعقاب، نحو " من غش فليس منا ".
والترك ليس واحدأ من هذه الثلاثة فلا يقتضي التحريم.
ثانيها: إن الله تعالى قال: "وَمَاَ ءَانَئكُمُ اَلزَسُولُ فَخُذُوُه وَمَا نَهَني عَنهُ
فَأنئَهُوا" 1 الحشر: 7)، ولم يقل: ما تركه فانتهوا عنه، والترك لا يفيد التحريم.
ثالثها: قال النبي ع! ي!: "ما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم
عنه فاجتنبو 5" ولم يقل: وما تركته فاجتنبوه، فكيف دل الترك على التحريم؟.
رابعها: أن الأصوليين عزَفوا السئة بأنها قول النبي ع! ي!، وفعله وتقريره،
ولم يقولوا: وتركه لأنه ليس بدليل.
خامسها: ومعلوم أن الحكم خطاب الله تعالى، وذكر الأصوليون: أ ن
91

الصفحة 91