كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

غاص في الأعماق، وفضل في دقائق هذا العلم، ولم يكتف بمبادئه واساسياته
وعمومياته. هذا بالإضافة إلى انه ينطلق في كل علم من العلوم التي أحاط بها من
منهج علمي يلتزم به. ومن هذه العلوم: الفقه واصوله، وعلوم القرآن ونفسبره،
وعلم السنة، وعلم الكلام والجدل ومقارنة الأديان، وعلوم العربية والخطابة،
وعلم تراجم الفقهاء ومناهجهم في الاستنباط، وغير ذلك. وسوف اُرجئ
الحديث عن علم الفقه واصوله وتراجم الفقهاء إلى البحث الخاص بفقهه، وأما
بقية العلوم فسوف اتناولها مبئناَ منهجه في ذلك إن شاء الله تعالى.
1 - علوم القراَن وتفسيره:
إن علوم القرآن وتفسيره من العلوم التي استولت على الشيخ طيلة حياته منذ
ان كان طالباَ يتلقى العلم الشرعي، وعند بداية تدريسه للعلوم العربية والشرعية،
فقد بدأ حياته العملية بدرس في تعرف معاني القراَن، فكان ذلك يمناَ وبركة
وإشعاراَ بتوفيق الله له في مستقبل أعماله. وتوفي رحمه الله تعالى والقلم في يده
يفشر (1) قوله تعالى: " رَتِ أقزغغ أَنْ أَثنكُرَ نِغتًربر اَلِنى- أَلغَمْتَ عَكً وَفَىَ لَرلدَتَ وَأَنْ
اَعلَ صبِثا نَرضحَئا وَإظ! بِرَضَتِبر فِى عِبَادِكَ اَلضحبِحِب" أ النمل: 9 1).
وعلم التفسير - عند الشيخ رحمه الله - هو علم الإسلام، بل هو علم
النفوس البشرية، واسرار الوجود، وهو علم النبوة الإلهية في مختلف العصور.
وكانت أمنيته العلمية ان يكون قريباَ من هذا العلم، وكان يراجع الكتب التي
تصدت للتعريف بمعاني القرآن الكريم: موجزها ووسيطها ومبسوطها، قديمها
وحديثها. ولكنه شغل عن التفسير بدروس فقهية، لىن كان لم ينقطع عن القران
بالكلية، فكان كلما دُعي إلى محاضرة عامة جعل القول في علم القرآن قبلته
وغايته، وكان يرجع إلى التفسير بين الفبنة والفينة إلى أن دعته مجلة الواء
(1)
هذا ما ذكرته ابنته الكبرى، كما جاء في مقال علي عبد العظيم عنه، ضمن
الكتاب السابق، ص 97.
100

الصفحة 100