كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

المبحث الأول
لمحات من حياة الشيخ محمد أبو زهرة
تعددت جوانب العطاء ومناحي النبوغ في شخصية الشيخ محمد أبو
زهرة، وساعدت على ذلك جوانب عديدة، منها ظروف عصره، ونشأته،
وتكوينه العلمي، ووظائفه، ونضجه في التفكير، واخلاقه وغير ذلك،
وسنتناول في هذا المبحث ستة مطالب وهي:
المطلب الأول: عصره
عاش الشيخ محمد ابو زهرة - على وجه التقريب - في القرن الرابع عشر
الهجري الموافق للقرن العشرين الميلادي، حيث ولد سنة (1316 هـ=
1898 م) وتوفي سنة (1394 هـ= 1974 م)، وفي هذ 5 الفترة تعرض العالم
الإسلامي لأشرس هجمة غربية صليبية يهودية، فلم تكن تلك الهجمة مجرد ردة
فعل كالهجمات السابقة، دهانما كانت هجمة منظمة ومخطط لها، فقد عمل
الغرب الصليبي واليهودي منذ مئات السنين على إضعاف العالم الإسلامي من
جميع النواحي السياسية والاجتماعية والعلمية، وفيما يلي بيان لهذه النواحي.
أولآ: فمن الناحية السياسية استولت فرنسة على مراكش بالإضافة إلى
الجزائر، واستولت إيطالية على ليبية، ثم انتزعتها منها إنكلترة، وأقاموا فيها
دولة للسنوسيين، واحتلت إنكلترة مصر في سنة (1882 م) احتلالاَ فعلياً،
ولكن الدولة العثمانية ظلت تنازعها السيادة من الناحية القانونية، حتى قامت
الحرب العالمية الأولى سنة (4 191 م) وبقي للمسلمين في هذا القرن دولتان،
ولكنهما ضعيفتان: الدولة العثمانية التركية بفيادة السلطان عبد الحميد، ودولة
12

الصفحة 12