كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

وفهم دقيق للأحداث السياسية.
ففي سنة (1953 م) كتب مقالاَ بعنوان: (صحوة الحياة في الشعوب
الإسلامية) تكثم فيه عن أحوال العالم الإسلامي، وما فيه من ماَس ودماء
وشهداء، وما تبع ذلك من تحرير بعض الشعوب. جاء فيه: " القارئ لأخبار
العالم الإسلامي ترؤعه تلك الهزات العنيفة في أقطاره وانصاره وبين شعوبه
وأمرائه، ويرؤعه أكثر ذلك النجيع من الدماء التي تخضبت به أرضه، ويهزّه
بهزات الأسى استشراء ذلك الاستعمار في بعض بلاده، حتى إنه ليتجرع الدماء
فتبلغ حد الكظة، ولكن ابن الإنسان إن استشرى لا يشبع من الدماء، ولا يُرضي
نهمه استشهاد الشهداء، بل كلما راى الدماء ازداد شِرَة واشتد قرمة، فلا يقنع
بالقليل ولا يشبعه الكثير. تذهب النفس حسرات عندما ترى الإنسانية الحاضرة
تنحدر ذلك الانحدار، وتغمض عينيها عن الظلم ذلك الإغماض، وتصم اَذانها
عن سماع الحق، كان بها وقراَ عندما يستصرخ الحق، فلا مصرخ، وإن كانت
فريسة جديدة تتضافر قواهم لافتراسها، وتكون عندئذ آذانهم مرهفة السماع كأ نها
اَذان أوابد السباع عندما تلوح ملامح قنيصة. ألم تجئ إليك أنباء كشمير
المسلمة، تتحكم فيها الوئنية، ويهمل كل حكم عدل في شأنها. 0 وإذا اجتزنا
كشمير وأمها باكستان، فإنا نجد الشعب الإيراني في مغالبة مع المستعمرين الذين
يستترون بظل بعض ا لحكام ا لرسميين، يغا لب ا لشعبُ ا لاستعمارَ وا لاستغلا لَ.
لىذا اجتزنا إيران لتجدن العراق والمعركة بينه وبين الإنكليز دائمة حتى
يقضي الله على الاستعمار وأذنابه. ولتجدن سورية ولبنان يطهران أرضهما من
ندوب الاستعمار الفرنسي الذي ترك جروحاَ وكلوماَ. ولتجدن تركية يحاول
شعبها أن يعيد للإسلام فيها عزته وكرامته ولشعائره مظاهرها ورسومها؟ ففد
علم أنه لن يحيا بغير دين، وأن الأمة التي ينقطع حاضرها عن ماضيها تنقطع فيها
أوصال الحياة لىن تهيا لها من المادة قوة، فستفقد من قوة الروح أضعاف ما
بلغت من قوة المادة، والأمم القوية تربطها أواصر من الروح والفوى المعنوية،
14

الصفحة 14